كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)
ذكر ظلمه مع التوحيد؟ وهل الاعتراف مع التوحيد موجب للغفران وكشف الكرب؟ وهل اعترافه بذلك الذنب المعين يوجب كشف كربة نزلت بذنوب أوجب تأخيرها إلى ذلك الوقت سعة حلم الله، أم لا بد عند قولها من استحضار جميع الذنوب؟ وهل مجرد الاعتراف كاف بدون التوبة؟ وما السر في أن الفرج يجيء عند انقطاع الرجاء من الخلق؟ وما الحيلة في انصراف القلب عنهم وتعلقه بالله؟ وما المعنى على ذلك؟
أجاب عن الأولى بأن لفظ الدعاء والدعوة في القرآن يتناول دعاء العبادة ودعاء المسألة، وفسر قوله: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} 1 بالوجهين.
وفي حديث النّزول: "من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ " 2 والمستغفر سائل، والسائل داع، لكن ذكر السائل لدفع الشر بعد السائل للخير، وذكرهما بعد الداعي الذي يتناولهما وغيرهما من عطف الخاص على العام، وسماها دعوة لتضمنها للنوعين، فقوله: {لا إله إلا أنت} : اعتراف بتوحيد الآلهية، وهو يتضمن النوعين، فإن الإله هو المستحق لأن يدعى بالنوعين. وقوله {إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} 3: اعتراف بالذنب متضمن طلب المغفرة. فالسائل يسأل تارة بصيغة الطلب، وتارة بصيغة الخبر، إما بوصف حاله، أو حال المسؤول، أو بهما، وهو من حسن الأدب في السؤال، كقول أيوب {مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} 4. والسؤال بالحال أبلغ من جهة العلم والبيان، وبالطلب أظهر من جهة القصد والإرادة؛ فلهذا كان غالب الدعاء من القسم الثاني، لأن السائل يتصور مراده، فيسأله بالمطابقة، فإن تضمن وصف حال
__________
1 سورة غافر آية: 60.
2 البخاري: الجمعة (1145) , ومسلم: صلاة المسافرين وقصرها (758) , والترمذي: الصلاة (446) والدعوات (3498) , وأبو داود: الصلاة (1315) والسنة (4733) , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (1366) , وأحمد (2/258 ,2/264 ,2/267 ,2/282 ,2/383 ,2/419 ,2/487 ,2/504 ,2/521) , ومالك: النداء للصلاة (496) , والدارمي: الصلاة (1478 ,1479) .
3 سورة الأنبياء آية: 87.
4 سورة الأنبياء آية: 83.
الصفحة 112
209