كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

السائل والمسؤول فهو أكمل، كقوله: "قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا " 1 إلخ.
وفيه وصف لحال نفسه المقتضي حاجته إلى المغفرة، ووصف ربه أنه لا يقدر على هذا غيره، وفيه التصريح بالمطلوب، وفيه وصف الرب بما يقتضي الإجابة، وهو وصفه بالمغفرة والرحمة. فهذا ونحوه أكمل الأنواع. فمقام يونس ومن أشبهه، مقام اعتراف بأن ما أصابه بذنبه، والمقصود دفع الضر والاستغفار رجاء بالقصد.
الثاني: فلم يذكر صيغة الطلب لاستشعاره أنه مسيء أدخل الضر على نفسه، فناسب ذكر ما يرفع سببه من الاعتراف، وهذا يبين بالكلام على قوله: {سبحانك} فإنه يتضمن التعظيم والتنْزيه، والمقام يقتضي تنْزيهه عن العقوبة بغير ذنب، فقوله: {لا إله إلا أنت} : فيه انفراده بالإلهية، وهي تتضمن كمال العلم والقدرة، والرحمة والحكمة. ففيها إثبات إحسانه إلى العباد، فإن الإله هو المألوه، والمألوه الذي يستحق أن يعبد، وكونه يستحق ذلك هو بما اتصف به من الصفات التي تستلزم أن يكون هو المحبوب غاية الحب، المخضوع له غاية الخضوع. والتسبيح يتضمن تعظيمه وتنْزيهه عن الظلم وغيره من النقائص، فإن الظالم إنما يظلم لحاجته أو جهله، والله غني عن كل شيء، عليم بكل شيء، وهو غني بنفسه، وكل ما سواه فقير إليه، وهذا كمال العظمة.
أجاب عن الثانية: بأن ذلك لأن الضر لا يكشفه إلا الله، والذنوب سبب الضر، والاستغفار يزيل سببه، وقوله: {إني كنت من الظالمين} : اعتراف واستغفار، والتهليل تحقيق لتوحيد الإلهية، فإن الخير لا يوجب له إلا مشيئة الله، والمعوق له عن العبد ذنوبه، وما خرج عن قدرة العبد فهو من الله، وإن كان الكل بقدره، لكنه جعل الطاعة
__________
1 البخاري: الأذان (834) , ومسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2705) , والترمذي: الدعوات (3531) , والنسائي: السهو (1302) , وابن ماجه: الدعاء (3835) , وأحمد (1/3 ,1/7) .

الصفحة 113