كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)
والأهواء الفاسدة فيعلم أن الحكمة والعدل فيما اقتضاه علمه سبحانه وحكمته، لا في ما اقتضاه علم العبد وحكمته، ويكون هواه تبعا لما يأمر الله به، قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ} الآية، وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ} 1 الآية. فإذا كان الإيمان لا يحصل حتى يحكم الرسول، ويسلم له، ويكون هواه تبعا لما جاء به، ويكون الرسول والجهاد مقدما على حب الإنسان نفسه وماله وأهله، فكيف في تحكيمه تعالى والتسليم له؟ فمن رأى من يستحق العذاب في ظنه فغفر له فكره ذلك، فهو إما عن إرادة تخالف الحكم، أو ظن يخالف العلم، والله عليم حكيم، فلم يبق لكراهة ما فعله وجه، وهذا يكون فيما أمر به، وفيما خلقه ولم يأمرنا أن نكرهه، بخلاف توبته على عباده وإنجائهم من العذاب، فإنه يحب التوابين، فكراهة هذا من نوع اتباع الإرادة المزاحمة للإلهية، فعلى صاحبها أن يحققه ولإنالة مراداتنا المخالفة.
وقوله: هل الاعتراف مع التوحيد موجب لغفرانها وكشف الكربة؟ فالموجب له مع التوحيد هو التوبة المأمور بها، فإن الشرك لا يغفر إلا بها، وأما الاعتراف على وجه الخضوع لله من غير توبة فهما في نفس الاستغفار الذي لا توبة معه، فهذا لا يؤنس، ولا يقطع له بالمغفرة فإنه داع، وفي الصحيح: "ما من رجل يدعو الله بدعوة إلخ"، فمثل هذا الدعاء قد تحصل معه المغفرة أو صرف شر آخر أو حصول خير آخر. وقوله: الاعتراف بالذنب المعين يوجب رفع ما حصل بذنوب أم لا بد من استحضار جميعها؟ فهذا مبني على أصول: أحدها: أن التوبة تصح من ذنب
__________
1 سورة التوبة آية: 24.
الصفحة 116
209