كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

مندفع عنه فالله يمنعه، ويكشفه، وما جرى من الأسباب على يد خلقه فهو خالق الأسباب كلها. ومن عرف هذا حق المعرفة انفتح له باب توحيد الله، وعلم أنه لا يستحق أن يدعى غيره، ولا فرق بين الأسباب العلوية والسفلية. وملائكته قال فيهم {لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} 1 فالصادر عنهم إما قول وإما عمل، فالقول لا يسبقونه به، ولا يشفعون إلا لمن ارتضى. فعلينا أن نكون معه ومع رسله هكذا، فلا نقول حتى يقول، ولا نعبده إلا بما أمر، وأعلى من هذا أن لا نفعل إلا ما أمر، فلا تكون أعمالنا إلا واجبة أو مستحبة. والاستعانة تكون على الأعمال، وأما التوكل فأعم من ذلك، يكون لجلب المنفعة، ودفع المضرة، فمن لم يفعل ما أمر به لم يكن مستعينا بالله، وعلى ذلك فيكون قد ترك العبادة والاستعانة عليها، فترك التوكل في هذا الموضع. ومن ظن أن الإيمان بالقدر ينافي الأمر كالإباحية المشركية والقدرية المجوسية، أو ظن أن التكليف معه غير معقول بل الشارع أطيع لمحض المشيئة، وجعل ذلك حجة على أن الأفعال لم تتضمن أسبابا مناسبة للأمر والنهي، ففساد قوله معلوم بضرورة العقل مع الكتاب والسنة والإجماع. فالعبد عليه أن يصبر على ما قدر من المصائب، ويستغفر من المعايب، ويشكر على المواهب، فيجمع بين الإيمان بالقدر والشرع، وبين الصبر والشكر والاستغفار، والمحتج بالقدر إذا اعتدى عليه تناقض وظهر فساد قوله.
(116) التسبيح المتضمن تنْزيهه عن السوء ونفي النقص يتضمن تعظيمه
__________
1 سورة الأنبياء آية: 27-28.

الصفحة 119