كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

المسيح أن تحب الله بكل قلبك وعقلك ونفسك. والنصارى يدعون قيامهم بهذه المحبة لما فيه من الزهد والعبادة، وهم برآء من محبة الله، إذ لم يتبعوا ما أحب الله، بل اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم.
وكثير من الذين اتبعوا أشياء من الزهد والعبادة وقعوا في بعض ذلك من دعوى المحبة مع مخالفة الشريعة وترك الجهاد، ويتمسكون في الدين الذي يتقربون به إلى الله بنحو ما تمسك به النصارى من الكلام المتشابه، والحكايات التي لا يعرف صدق قائلها ولو صدق لم يكن معصوما، وكل عمل أريد به غير الله لم يكن لله، وكل عمل لم يوافق شرعه، لم يكن له، بل لا يكون لله إلا ما جمع الوصفين.
قال تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} 1 الآية. وقال صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" 2، وقال: "إنما الأعمال بالنيات" 3. وهذا الأصل هو أصل الدين، وبحسب تحقيقه يكون تحقيق الدين، وبه أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب، وهي قطب الدين الذي تدور عليه رحاه.
والشرك غالب على النفوس، كما في الحديث: أخفى من دبيب النمل، وكثير ما يخالط النفوس من الشهوات ما يفسد عليها تحقيق ذلك، كما قال شداد بن أوس: "أخوف ما أخاف عليكم الرياء والشهوة الخفية" 4 قال أبو داود: هي حب الرياسة، وفي الحديث:"ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه" 5
__________
1 سورة البقرة آية: 112.
2 البخاري: الصلح (2697) , ومسلم: الأقضية (1718) , وأبو داود: السنة (4606) , وابن ماجه: المقدمة (14) , وأحمد (6/73 ,6/146 ,6/180 ,6/240 ,6/256 ,6/270) .
3 البخاري: بدء الوحي (1) , ومسلم: الإمارة (1907) , والترمذي: فضائل الجهاد (1647) , والنسائي: الطهارة (75) والطلاق (3437) والأيمان والنذور (3794) , وأبو داود: الطلاق (2201) , وابن ماجه: الزهد (4227) , وأحمد (1/25 ,1/43) .
4 أحمد (5/428) .
5 الترمذي: الزهد (2376) , وأحمد (3/456 ,3/460) , والدارمي: الرقاق (2730) .

الصفحة 18