كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

ذَلِكُمْ} 1 تحليل ذلك.
فإن قيل هو عام بين الدليل المخصص أن الله لم يرد تلك الصور كقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} 2 الآية، لم يرد به الأمة، وقوله: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} 3 لم يرد الحامل، ولا التي لم يدخل بها، ولم يثبت أن السنة نسخت القرآن، قال تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} 4 الآية، فالقرآن لا ينسخه إلا مثله.
وقال كثير: السنة خصت القرآن وهم أكثر، وأفضل من أولئك، وقد يقال: السنة فسرت القرآن؛ ولهذا في حديث معاذ وكلام عمر وابن مسعود وغيرهما أن يحكم بكتاب الله، فإن لم يوجد فبسنة رسول الله. فلو كان في السنة ما يقدم على دلالة القرآن لم يكن كذلك، بل السنة تفسر المراد منه، وذلك أن قوله: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} 5 كما يحتمل الاختصاص فقد يحتمل التنبيه على ما يحرم من النسب، وكذلك الجمع بين الأختين؛ وذلك أن نكاح الأخت والجمع بين الأختين شرع لبعض الأنبياء، فإن يعقوب جمع بينهما، وآدم كان يزوج ذكر هذا البطن بأنثى الآخر، ولم ينقل أنه زوج أحدا بعمته، أو خالته، لأنها بمنْزلة الأم، والعمة كالعم، والعم والد لقوله: {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ} 6 الآية، فنكاح العمة والخالة أفحش من نكاح الأخت، وكذلك الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها أقرب إلى القطيعة
__________
1 سورة النساء آية: 24.
2 سورة النور آية: 2.
3 سورة البقرة آية: 228.
4 سورة البقرة آية: 106.
5 سورة النساء آية: 23.
6 سورة البقرة آية: 133.

الصفحة 76