كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

من الجمع بين الأختين، فإنهما يتماثلان، وكذلك نكاح العمة والخالة من الرضاع أفحش من نكاح الأخت. والقرآن دل على تحريم نكاح الأم والأخت والبنت أيضا من وجهين: من جهة أن الأم لا تنكح ابنها من الطرفين ليس كالإرث قد يكون من أحد الجهتين، فالمرأة يرثها عمها وابن أخيها ولا ترثهما، وإذا لم يكن لها أن تنكح ولدها، فكذلك الأب.
الثاني: أن {أخواتكم من الرضاعة} يتناول الأخت من الجهات، وصحت الأحاديث بتحريم لبن الفحل، فتبين أن قوله: {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} 1 يتناول أخته من أبيه، فإذا حرمت عليه فهي على أبيه أولى، فذكر سبحانه الأخت ينبه بها على غيرها. ويتبين أن هذا ليس مختصا بالأم كتحريم أمهات المؤمنين، فلو ذكرت الأم وحدها لظن هذا، فلما ذكرت الأخت دل على تعديه لأقارب الأم وأقارب الأب أيضا، حيث كانت الأخت بالأم تارة، وبالأب أخرى. ولما ذكر التحريم بالولادة وهو الأصل استوفي الكلام، فلما ذكر ما هو فرع عليه وشبيه به اختصر الكلام؛ فذكر الأم والأخت لما ذكرنا، ودلالة القرآن على هذا لم نستقل بفهمها بل السنة بينت ذلك، وهي لا تخالف القرآن بل توافقه، فكون قوله: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} 2 من الجوامع الذي لا تخصيص فيه أحسن وأدل على عظمة الكتاب من التخصيص، ولفظ الورى بمنْزلة الخلق، وهو يشعر بالتأخر والبعد، فيكون أصله دون ما ذكر وهو متأخر عنه، فلم يكن ما ذكرنا داخلا فيما وراء ذلكم لما ذكرنا من أنه أفحش؛ وهذا عرف ببيان الرسول ثم تفطن له من تفطن كما في نظائره إذ كان وجوه دلالات القرآن يخفى كثير منها على كثير من الناس، لكن السنة بينته. والقرآن
__________
1 سورة النساء آية: 23.
2 سورة النساء آية: 24.

الصفحة 77