كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

هو الذي لا تنقضي عجائبه، ولا يشبع منه العلماء، وقد جاء عن ابن مسعود وابن عباس وغيرهما أنهم إذا سمعوا حديثا عنه صلى الله عليه وسلم طلبوه من القرآن، قال مسروق: ما نسأل أصحاب محمد عن شيء إلا وعلمه في القرآن، لكن علمنا قصر عنه، وقال الشعبي: ما ابتدع قوم بدعة إلا وفي القرآن بيانها.
وكذلك أحاديث المسح لا تخالف القرآن بل تفسره، وذلك أنه أمر القائم إلى الصلاة بما ذكر، ولو قدمه قبل القيام جاز، ذكره أحمد إجماعا؛ فيجب الوضوء عند القيام على المحدث، ولو لبس محدثا لم يجز المسح إجماعا. واللابس على طهارة قد غسل رجليه وأتى بالمأمور به في القرآن، فإذا أحدث فقد بينت السنة أن مسحه على الخف الملبوس على طهارة يجزيه؛ فأجزأته الطهارة المتقدمة مع هذا المسح. وهذا كما بينت السنة أن المستحاضة ليس خروج الدم منها حدثا، وكذلك من به سلس البول والمذي، فقد فرق في جنس هذا تارة ينقض وتارة لا، إذا كان فيه عسر. وذكره لفظ المسح في الرجلين يشعر بتخفيف الأمر فيهما، لكن التقييد بالكعبين دل على أنه أراد الغسل إذا كانا ظاهرين، ومن نعم الله على عباده أن هذه المواضع التي تظهر فيها المخالفة لبعض الناس قد تواترت فيها السنة بما جاءت فيه، فلم يمكن أحد أن يترك السنة إلا من لا يعرفها.
وأما المواضع التي تظن فيها المخالفة وهي غلط، كالحكم بشاهد ويمين، فتلك لما لم تكن متواترة لم يكن ظاهر القرآن مخالفا للسنة، بل أنكر قول من زعم المخالفة، وهذا يحقق وجوب العمل بما ثبت من السنة، فإنه لا يخالف الكتاب بل يفسره.
(91) أرسل الله رسوله صلى الله عليه وسلم وقد مقت أهل الأرض إلا بقايا من أهل الكتاب،
وماتوا أو أكثرهم قبل مبعثه، والناس إذ ذاك

الصفحة 78