كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

دعا إليه بغير إذنه فقد ابتدع؛ والشرك بدعة، والمبتدع يؤول إلى الشرك، ولهذا لم يوجد مبتدع إلا وفيه نوع من الشرك كما قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً} 1 الآية، وقال: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ} 2، فقرن بعدم إيمانهم بالله واليوم الآخر أنهم لا يحرمون ما حرمه الرسول، ولا يدينون دين الحق.
(94) أصل دين المسلمين أنه لا يخص بقعة بقصد العبادة إلا المساجد،
وأما ما عليه المشركون وأهل الكتاب من تعظيم بقاع غيرها كحراء ونحوه هو مما جاء الإسلام بإزالته. ثم المساجد تشترك في العبادة إلا ما خص به المسجد الحرام من الطواف ونحوه، فإن خصائصه لا يشركه فيها مسجد، كما أنه لا يصلى إلى غيره. وإذا كان مثل مقام نبينا في مثل غار حراء الذي ابتدئ فيه بإنزال القرآن لا يشرع قصده، فكيف بغيره؟ فمن جعل شيئا من ذلك قربة فقد ابتدع غير سبيله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وشرع من الدين ما لم يأذن به الله؛ ولهذا جاء الاعتكاف الشرعي في المساجد بدل ما كان يفعل قبل الإسلام من المجاورة بحراء ونحوه. فأما العكوف والمجاورة عند قبر نبي أو غيره أو مقامه فليس من دين المسلمين. وأما المسجد الأقصى فهو أحد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، ولا يشرع السفر إلى غيرها؛ ولو نذره لم يجب بالنذر باتفاق الأئمة. وليس بالمدينة مسجد يشرع إتيانه إلا مسجد قباء؛ وكان الفقهاء من أهل المدينة لا يقصدون شيئا من تلك الأماكن إلا قباء خاصة. وثبت أن ابن عمر إذا أتى بيت المقدس دخل وصلى
__________
1 سورة التوبة آية: 31.
2 سورة التوبة آية: 29.

الصفحة 83