كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

فيه ولا يقرب الصخرة. وكذلك نقل عن غير واحد من السلف كعمر بن عبد العزيز والأوزاعي والثوري وغيرهم. وذكر بعض من صنف من المناسك استحباب زيارة مساجد مكة، وقد كتبت دعاء في منسك كتبته في أول عمري، ثم تبين لي أن هذا كله من البدع.
(95) كل أمر يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون موجودا لو كان مصلحة ولم يفعله علم أنه ليس بمصلحة
كالأذان في العيدين، فإن هذا لما أحدثه بعض الأمراء أنكره المسلمون، لأنه بدعة، فلو لم يكن كونه بدعة دليلا على كراهته، وإلا لقيل: هذا ذكر لله ودعاء إلى عبادته، فيدخل في عموم قوله: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً} 1، وقوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً} 2. والاستدلال بهذا أقوى من الاستدلال على حسن أكثر البدع، بل يقال: ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة، كما أن فعله سنة، فلما أمر بالأذان في الجمعة، وتركه في العيدين، فذلك كالزيادة في عدد الركعات المكتوبة، ولا يقال: هذا زيادة عمل صالح، بل يقال: كل بدعة ضلالة. ومثل ما حدثت الحاجة إليه بتفريط من الناس تقديم الخطبة في العيد، فإنه لما فعله بعض الأمراء أنكره المسلمون، لأنه بدعة، فاعتذر من أحدثه بأن الناس ينفضّون قبل سماع الخطبة، فيقال: سببه تفريطك؛ فإن الخطبة مقصدها التذكير وتعليم الدين، وأنت قصدك إقامة رياستك، وإن قصدت صلاحهم لم تعلمهم ما ينفعهم. وأما ما تركه من المصالح لأجل مفسدة قد زالت، كقيام رمضان جماعة
__________
1سورة الأنفال آية: 45.
2سورة فصلت آية: 33.

الصفحة 84