كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)
بترك واجب أو مندوب تركه أضر من فعل ذلك المكروه. فإذا كان الفاعلون للبدع معيبين، فالتاركون للسنن كذلك؛ فإن منها ما يكون واجبا مطلقا، ومنها مقيدا كالنافلة، فإنها لا تجب، ولكن من أراد أن يصليها وجب عليه الإتيان بأركانها، وكما يجب على من أتى الذنوب من الكفارات، وما يجب على من كان إماما أو مفتيا من الحقوق، وعامتها يجب تعليمها، والحض عليها، والدعاء إليها. وكثير من المنكرين للبدع تجدهم مقصرين في فعل السنن، فلا ينهى عن منكر إلا ويؤمر بمعروف يغني عنه، كما يؤمر بعبادة الله عن عبادة ما سواه، والنفوس خلقت لتعمل، وإنما الترك مقصود لغيره. فتفطن لحقيقة الدين، وانظر ما اشتملت عليه الأفعال من المصالح والمفاسد، بحيث تعرف مراتب المعروف والمنكر حتى تقدم أهمها عند الازدحام؛ فإن هذا حقيقة العلم بما جاءت به الرسل، وهذا خاصة العلماء.
الثالث: ما هو معظم في الشرع كيوم عاشوراء ويوم عرفة ويومي العيدين وعشر رمضان، فيحدث فيه مما يعتقد أنه فضيلة ما يصير منكرا ينهى عنه.
وأما المكانية فأيضا ثلاثة أقسام: أحدها: ما لا خصوص له، فقصده للعبادة والاجتماع فيه لدعاء أو غير ذلك ضلال بين؛ وهذا أقبح من الذي قبله، فإنه يشبه عبادة الأوثان، أو نوع منها أو ذريعة. وكانت الطواغيت الكبار التي تشد إليها الرحال ثلاثة: اللات والعزى ومناة، وكل واحد منها لمصر من أمصار العرب. ومن أراد معرفة أحوال المشركين قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم، وحقيقة الشرك الذي ذمه الله وأنواعه، حتى يتبين له تأويل القرآن، ويعرف ما كرهه
الصفحة 89
209