كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

الله ورسوله، فلينظر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأحوال العرب في زمانه وما ذكره الأزرقي في أخبار مكة وغيره من العلماء. ولما كان للمشركين سدرة فذكر الحديث، فأنكر مجرد مشابهتهم للكفار في اتخاذ شجرة يعكفون عليها معلقين عليها سلاحهم، فكيف بما هو أطم من ذلك من مشابهة المشركين؟ أو هو الشرك بعينه؟
الثاني: ما له خصوصية لا يقتضي اتخاذه عيدا ولا الصلاة ولا غيرها عنده، كقبور الأنبياء والصالحين؛ وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم والسلف النهي عن اتخاذها عيدا عموما وخصوصا، وبينوا معنى العيد. فأما العموم فقوله: "لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا " 1 عكس ما يفعله المشركون. ثم أن أفضل التابعين من أهل البيت 2 نهى الرجل أن يتحرى الدعاء عند قبره، واستدل بالحديث، فتبين أن قصده للدعاء ونحوه اتخاذ له عيدا، وكذلك أبي عمر الحسن بن الحسن شيخ أهل بيته كره أن يقصد الرجل القبر للسلام عليه ونحوه عند غير دخول المسجد، ورآه من اتخاذه عيدا، وكان للمشركين أمكنة ينتابونها للاجتماع، فلما جاء الإسلام محا ذلك.
(98) سبب عبادة اللات
سبب تعظيم قبر رجل صالح، وهذه هي العلة في تغليظه صلى الله عليه وسلم في النهي عن اتخاذ قبور الصالحين مساجد، ونهيه عن الصلاة في المقبرة، وقد نبه عليها بقوله: "اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد" 3. وقد ذكر هذه العلة الشافعي وأبو بكر الأثرم وغيرهما
__________
1 أبو داود: المناسك (2042) , وأحمد (2/367) .
2 المراد به زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنهم.
3 مالك: النداء للصلاة (416) .

الصفحة 90