كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

قاعدة دلت عليها السنة والإجماع مع الكتاب، قال الله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} 1. فمن ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله أو أوجبه بقوله أو فعله من غير أن شرعه الله، فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله؛ فمن اتبعه في ذلك فقد اتخذ شريكا لله شرع من الدين ما لم يأذن به الله، وقد يغفر له لأجل تأويله إذا كان مجتهدا الاجتهاد الذي يعفى معه عن المخطئ، لكن لا يجوز اتباعه في ذلك، كما قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} 2 الآية. فمن أطاع أحدا في دين لم يأذن به الله من تحليل أو تحريم أو استحباب أو إيجاب، فقد لحقه من هذا الذم نصيب، كما يلحق الآمر الناهي. ثم قد يكون كلا منهما معفوا عنه فيتخلف الذم لفوات شرطه أو وجود مانعه، وإن كان المقتضي له قائما؛ ويلحق الذم من تبين له الحق فتركه، أو قصر في طلبه فلم يتبين له، أو أعرض عن طلبه لهوى أو كسل ونحو ذلك. وأيضا فإن الله عاب على المشركين شيئين: أحدهما: أنهم أشركوا به ما لم ينزل به سلطانا، الثاني: تحريمهم ما لم يحرمه، كما بينه صلى الله عليه وسلم في حديث عياض عند مسلم، وقال تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} 3 فجمعوا بين الشرك والتحريم، والشرك يدخل فيه كل عبادة لم يأذن بها الله، فإن
__________
1 سورة الشورى آية: 21.
2 سورة التوبة آية: 31.
3 سورة الأنعام آية: 148.

الصفحة 93