كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)
المشركين يزعمون أن عبادتهم إما واجبة وإما مستحبة، ثم منهم من عبد غير الله فيتقرب به إلى الله، ومنهم من ابتدع دينا عبد به الله كما أحدثه النصارى من العبادات؛ وأصل الضلال في أهل الأرض إنّما نشأ من هذين: إما اتخاذ دين لم يشرعه الله، أو تحريم ما لم يحرمه؛ ولهذا كان الأصل الذي بنى عليه أحمد وغيره مذهبهم أن الأعمال عبادات وعادات: فالأصل في العبادات أن لا يشرع منها إلا ما شرعه الله، والأصل في العادات أن لا يحظر منها إلا ما حظره الله. وهذه المواسم المحدثة إنما هي منها لما أحدث فيها من الدين الذي يتقرب به إلى الله.
(101) من جوز أن يطلب من المخلوق كما يطلب من الخالق،
من كشف الشدائد، فكفره شر من كفر عباد الأصنام، فإنهم لا يطلبون منها كما يطلب من الله، كما قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ} 1 الآيتين، فبين أنه إذا جاء عذاب الله، أو أتت الساعة لا يطلبون إلا الله في كشف الشدائد وإنزال الفوائد، وقال تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} 2 الآية.
وقد وقع في كثير من ذلك من وقع من العامة ونحوهم ممن فيه زهد وصلاح. ودين الإسلام مبني على أصلين: أن لا نعبد إلا الله، الثاني: أن نعبده بما شرع، لا نعبده بالبدع، كما قال الفضيل في قوله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} 3 قال: أخلصه وأصوبه؛ إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل،
__________
1 سورة الأنعام آية: 40.
2 سورة الإسراء آية: 67.
3 سورة هود آية: 7.
الصفحة 94
209