كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة. ولهذا قال الإمام أحمد: أصول الإسلام تدور على ثلاثة أحاديث قوله: "الحلال بين والحرام بين" 1، وقوله: "إنما الأعمال بالنيات" 2، وقوله: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" 3. وأهل الضلال يخالفون هذين الأصلين، فيعبدون غير الله ويبتدعون عبادة لم يأذن بها الله، كما في سورة الأنعام والأعراف وبراءة وغيرهن من السور.
(102) ما بين الخلق من الأسباب الكسبية التي بها يتساءلون، ويشفع بعضهم إلى بعض هي من جنس المشاركة، والسبب الآخر الولادة؛ فالأسباب والصلات التي بينهم لا تخرج عن سبب خلقي وهو الولادة، أو كسبي من جنس المشاركة والمعاوضة؛ ولهذا افتتح سورة النساء بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} 4 الآية، فذكر في السورة حكم الأسباب من هذا وهذا، فذكر ما يتعلق بالولادة من القرابة والرحم، وما يتعلق بذلك من المواريث والمناكح، وكذلك ما يحصل بينهم بالعقود من المناكح والمواريث والوصايا على اليتامى. فالنسب من الأول، والصهر من الثاني، كما قال: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} 5، فافتتحها بقوله: {الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} 6، ثم قال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ} 7 أي: تتعاهدون وتتعاقدون والأرحام، فدخل في الأول ما بينهم من التساؤل والتعاقد الذي يجمع المعاوضة والمشاركة، وفي الثاني الولادة وفروعها. وقد نزه الله نفسه المقدسة عنهما، فقال {وَقُلِ الْحَمْدُ
__________
1 البخاري: الإيمان (52) , ومسلم: المساقاة (1599) , والترمذي: البيوع (1205) , والنسائي: البيوع (4453) والأشربة (5710) , وأبو داود: البيوع (3329) , وابن ماجه: الفتن (3984) , وأحمد (4/267 ,4/269 ,4/270) , والدارمي: البيوع (2531) .
2 البخاري: بدء الوحي (1) , ومسلم: الإمارة (1907) , والترمذي: فضائل الجهاد (1647) , والنسائي: الطهارة (75) والطلاق (3437) والأيمان والنذور (3794) , وأبو داود: الطلاق (2201) , وابن ماجه: الزهد (4227) , وأحمد (1/25 ,1/43) .
3 البخاري: الصلح (2697) , ومسلم: الأقضية (1718) , وأبو داود: السنة (4606) , وابن ماجه: المقدمة (14) , وأحمد (6/73 ,6/146 ,6/180 ,6/240 ,6/256 ,6/270) .
4 سورة النساء آية: 1.
5 سورة الفرقان آية: 54.
6 سورة النساء آية: 1.
7 سورة النساء آية: 1.

الصفحة 95