كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)

أن توسط البشر أولى من توسط الروحانيين، فبنوا معارضتهم على أصل فاسد، وهو مقايسة وسائط أولئك بوسائط الحنفاء، وهذا جهل بدين الحنفاء، فإنه ليس بينهم وبين الله واسطة في العبادة، وإنما الرسل بلغتهم أمر الله فهم وسائط في التبليغ، كدليل الحاج، وإمام الصلاة. وبعض من دخل دين الصابئة والمشركين ظنوا أن شفاعة الرسول لأمته لا تحتاج إلى دعاء منه بل الرحمة التي تفيض على الرسول تفيض على المستشفع من غير شعور من الرسول ولا دعاء منه، ومثلوا ذلك بانعكاس شعاع الشمس إذا وقع على جسم صقيل، ثم انعكس على غيره، وكما أن انعكاس الشعاع يحتاج إلى المحاذاة، فكذلك الفيض لا بد فيه من توجه الإنسان إلى النفوس الفاضلة؛ وجعلوا الفائدة في زيارة قبورهم من هذا الوجه، وقالوا: إن الأرواح المفارقة تجتمع هي والأرواح الزائرة، فيقوى تأثيرها، وهذه المعاني ذكرها طائفة من الفلاسفة ومن أخذ عنهم كابن سينا وأبي حامد وغيرهم؛ وهذه من أصول عُبَّاد الأصنام، وهي من المقاييس التي قال فيها بعض السلف: ما عبدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس.
(104) ومما يبين حكمة الشريعة أنها كسفينة نوح،
أن الذين خرجوا عن المشروع خرجوا إلى الشرك. وطائفة منهم يصلون للميت، ويدعو أحدهم الميت، فيقول: اغفر لي وارحمني، ومنهم من يستقبل القبر، ويصلي لله مستدبرا الكعبة، ويقول القبر: قبلة الخاصة، والكعبة قبلة العامة، وهذا يقوله من هو أكثر عبادة وزهدا، وهو شيخ متبوع، ولعله أمثل أصحاب شيخه، لقوله في شيخه؛ وآخر من أعيان الشيوخ المتبوعين أصحاب الصدق والاجتهاد في العبادة والزهد يأمر المريد أول ما يتوب أن يذهب إلى قبر

الصفحة 97