كتاب مسائل لخصها الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام بن تيمية (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني عشر)
وهؤلاء مستندهم مع العادة قول طائفة: قبر معروف أو غيره: ترياق مجرب. ومعهم أن طائفة استغاثوا بحي أو ميت فرأوه أتى في الهواء، وقضى بعض الحوائج؛ وهذا كثير واقع في المشركين الذين يدعون الملائكة أو الأنبياء أو الكواكب والأوثان، فإن الشيطان يتمثل لهم. ولو ذكرت ما أعلم من الوقائع الموجودة في زماننا من هذا لطال المقال، وقد طاف هذا بجوابه يعني الذي ذكر فيه جواز الاستغاثة بالنبي على علماء مصر ليوافقه واحد منهم فما وافقوه، وطلب منهم أن يخالفوا الجواب الذي كتبته فما خالفوه مع أن قوما كان لهم غرض، وفيهم جهل بالشرع قاموا في ذلك قياما عظيما، واستعانوا بمن له غرض من ذوي السلطان مع فرط تعصبهم، وكثرة جمعهم، وقوة سلطانهم ومكائد شيطانهم.
(105) لما استحل طائفة من الصحابة والتابعين الخمر كقدامة وأصحابه ظنوا أنها تباح لمن عمل صالحا
على ما فهموا من آية المائدة، اتفق علماء كعمر وعلي وغيرهما على أنهم يستتابون، فإن أصروا على الاستحلال كفروا، وإن أقروا بالتحريم جلدوا؛ فلم يكفروهم بالاستحلال ابتداء لأجل الشبهة، حتى يبين لهم الحق؛ فإن أصروا كفروا، ولهذا كنت أقول للجهمية الذين نفوا أن يكون الله فوق العرش: أنا لو وافقتكم كنت كافرا، وأنتم عندي لا تكفرون، لأنكم جهال ونحن نعلم بالضرورة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأمته أن يدعوا أحدا من الأحياء ولا الأموات، لا الأنبياء ولا غيرهم، لا بلفظ الاستغاثة ولا بلفظ الاستعاذة ولا غيرهما، كما أنه لم يشرع لهم السجود لميت، ولا إلى غير ميت ونحو ذلك، بل نعلم أنه نهى عن ذلك كله، وأنه من الشرك الذي حرمه الله ورسوله، لكن
الصفحة 99
209