كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 103 """"""
الضياع ، فكان إذا احتيل على عمل بمال لا يخرج منه حتى يعلم مستخرجه ونفقته وارتفاعه ، فعلم أحوال ديار مصر ، فأخبر كافور ، فقال : لو كان هذا مسلماً لصلح أن يكون وزيراً . فبلغه ذلك ، فأسلم على أيدي كافور ، في يوم الجمعة في الجامع العتيق ، في سنة خمسين وثلاثمائة .
ثم تعلقت به مطالبات ديوانيه في الدولة الإخشيدية فهرب بسببها من مصر ، فلقي العسكر المغربي قاصداً مصر فعاد بصحبته ، فلما ملك القائد جوهر مصر تصرف ابن كلس في الأمور الديوانية مدة أيام المعز ، ثم انتقل إلى خدمة ولده العزيز ، فاختص به وتمكن منه ، واقتنى الأموال ، فاستوزره في يوم الجمعة ثامن عشر شهر رمضان سنة ثمان وستين وثلاثمائة ؛ وأقطعه بمصر والشام في كل سنة ثمانية آلاف دينار - وبسط يده في الأموال ، وكتب اسمه على الطرز ، وابتدأ بنفسه في المكاتبات والعناوين ، من يعقوب بن يوسف وزير أمير المؤمنين .
وتمكن من الدولة حتى أسقط المغاربة ، واستخدم المشارقة في سنة سبعين وثلاثمائة ، من الترك والإخشيدية . وأذل جوهر الرومي غلام المعز ، وجعله على المرمة ، وكان جوهر يقول قبح الله طول هذا العمر الذي أحوج لمثل هذا .
ثم نكبه العزيز النكبة التي ذكرناها في سنة ثلاث وسبعين ، ثم أطلقه وأعاده إلى الوزارة ، وقال له : عزلت بالإغراء ، وردت بصميم الآراء ، ووهب له ألفاً وخمسمائة غلام كما ذكرنا .
ولم يزل كلس على ذلك إلى أن توفي لست خلون من ذي الحجة سنة ثمانين وثلاثمائة ، ولما مرض مرضته التي مات فيها ركب العزيز إليه ، وعاده ، وقال له : وددت أنك تباع فأبتاعك بملكي وولدي . [ أو تفدى فافديك فهل من حاجة توصي بها ] .

الصفحة 103