كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 105 """"""
المنصور بنصر الله أبي طاهر إسماعيل ، ين القائم بأمر الله أبي القاسم محمد ، بن المهدي عبيد الله ، وهو السادس من ملوك الدولة العبيدية ، والثالث من ملوك مصر والشام منهم .
بايع له أبوه العزيز قبل وفاته ببلبيس ، وكان ولي قبله ابنه محمد فهلك في حياة أبيه العزيز ، ثم جددت البيعة للحاكم بأمر الله صبيحة وفاة أبيه في يوم الأربعاء لليلة بقيت من شهر رمضان سنة ست وثمانين وثلاثمائة ، ولبس أثواب الخلافة ، وتعمم بعمامة عليها الجواهر ، وعمره آنذاك إحدى عشرة سنة وستة أشهر ، وتولى كفالته برجوان الخادم ، وقام بأمر الجيوش وتدبير أمور الدولة أبو محمد الحسن بن عمار ابن أبي الحسين ، وتلقب بأمين الدولة ، وهو أول لقب في دولتهم في مصر ، وكان ذلك بوصية من العزيز .
قال : وكان الكتاميون قد أضعفهم الوزير ابن كلس ، فأظهرهم ابن عمار وردهم إلى ما كانوا عليه .
ذكر القبض على الوزير عيسى بن نسطورين النصراني وقتله
كان القبض عليه في تاسع شوال سنة ست وثمانين وثلاثمائة ، وذلك أن ابن عمار اتهمه بالإغراء عليه ومباطنة منجوتكين ، فبسط عليه العذاب واستخرج منه سبعمائة ألف دينار ، ثم أخرجه لثلاث بقين من المحرم سنة سبع وثمانين على حمار ، إلى المقس ، وضرب عنقه هناك ، رحم الله ابن عمار الآمر بقتله ، فلقد حكى عنه جوره بالمسلمين واطراحه لهم ما لا مزيد عليه .
حكى الأثير بن بيان المصري أن بعض رؤساء المصريين كتب ورقة يعاتب فيها عيسى على قبح فعله بالمسلمين وبالغ فيها فأجابه عيسى عنها يقول : أن شريعتنا متقدمة ، والدولة كانت لنا ثم صارت لكم ، فجرتم علينا بالجزية والذلة ، فمتى كان منكم إلينا إحسان حتى تطالبونا بمثله ، إن مانعناكم قاتلتمونا ، وإن سالمناكم أهنتمونا ، فإذا وجدنا لكم فرصة فماذا تتوقعون أن نصنع بكم ، ثم تمثل في آخرها بيتين :
بنت كرم غصبوها أمها . . . ثم داسوها ، هواناً ، بالقدم
ثم عادوا حكموها فيهم . . . وأناهيك بخصم قد حكم

الصفحة 105