كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 106 """"""
ذكر مخالفة منجوتكين بدمشق وحربه وأسره وسبب ذلك
كان سبب ذلك أن ابن عمار أظهر الكتاميين وبالغ في الإحسان إليهم ، وخولهم الأموال وبسط أيديهم ، وفرق فيهم ما خلفه العزيز .
قال بعض المؤرخين : إن العزيز كان عنده عشرون ألف عليقة ما بين فرس وبغل ، وجمل وحمار ، ومن الأموال ما لا يدخل تحت الإحصاء ، ففرق ابن عمار ذلك فيمن أراد اصطناعه ، فلما كان في سنة سبع وثمانين ومائتين انبسطت يد كتامة وجاروا على الناس بديار مصر ، وامتدوا لأخذ أموالهم ، ثم اجتمع مشايخهم وحسنوا للحسن بن عمار قتل الحاكم ، فعلم برجون بذلك ، فبالغ في حفظ الحاكم وضم إليه شكر العضدي من غلمان عضد الدولة بن بويه ، وكاتبا منجوتكين أمير دمشق يعرفانه ما عزم عليه ابن عمار ، وأنه بسط يد كتامة في الأموال ومكنهم من الجور وأنهم حصروا الحاكم بقصره ، وأشار عليه أن يقصد مصر ليكون عوضاً عن الحسن بن عمار . فلما قرأ منجوتكين الكتاب جمع القواد والأجناد وغيرهم بجامع دمشق ، وعرفهم ما جرى من كتامة ، وبكى ، وخزق ثيابه ، فأطاعه الناس وحلفوا له على طاعة الحاكم وقتال ابن عمار ، فأنفق فيهم الأموال ووثق منهم ، وبرز من دمشق ستة آلاف فارس .
فلما اتصل ذلك بابن عمار عظم عليه وجمع وجوه كتامة وعرفهم الحال ، فقالوا : نعرف الناس إن منجوتكين قد عصى الحاكم وخالف عليه وخرج عنه ، ليبالغوا بقتاله ففعل ذلك وأظهره ، وفرق الأموال في وجوه الدولة . ثم أحضر برجوان وشكر العضدي وقال لهما : أنا شيخ كبير وقد كثر الكلام علي والقول في ، وليس لي غرض إلا حفظ الإمام الحاكم ، وسألهما أن يحلفا له على المساعدة فما وسعهما إلا أن حلفا له ، وندب من وقته أبا تميم سليمان بن جعفر بن فلاح وقدمه على العسكر ، وأمره بالمسير إلى الشام ، فخرج في ستة عشر ألف فارس وراجل ، فسار سليمان في ثاني صفر ، ورحل منجوتكين إلى الرملة فملكها ومعه مفرج بن دغفل بن جراح ، وسار سليمان حتى نزل بظاهر عسقلان .
وتقابل الجيشان بعد ثلاثة أيام ؛ وكان المصاف في يوم الجمعة لأربع بقين من جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ، فاستأمنت العرب من أصحاب دغفل وغيرهم إلى سليمان ، فاستظهر ، وقتل من أصحاب منجوتكين أربعة قواد ، وانهزم منجوتكين وأحصيت القتلى من أصحابه فجاءت ألفي فارس ، وامتلأت أيدي أصحاب

الصفحة 106