كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 107 """"""
سليمان ، وبذل سليمان لمن يحضر منجوتكين عشرة آلاف دينار ومائتي ثوب ، فأسره علي بن الجراح وحمله إلى سليمان ، فسيره إلى مصر ، فاصطنع الحسن بن عمار منجوتكين ، وسار سليمان ونزل طبرية .
فلما بلغ أهل دمشق ما اتفق لمنجوتكين نهبوا داره ، وبعث سليمان أخاه إلى دمشق في خمسة آلاف فارس ، فلما وصلها أغلقوا دونه الأبواب ، فكتب لأخيه بذلك ، فسار إلى دمشق وتلطف بأهلها ، وطيب قلوبهم ، ففتحوا له الأبواب ، ودخل البلد واستقر أمره ، وثبت قدمه ، واستتب له الأمر ، فنظر في أمر الساحل واستبدل بولاية الجابريين ، وعزل الأمير جيش بن الصمصامة من طرابلس الشام واستعمل عليها أخاه ، فحضر جيش إلى مصر ولم يجتمع به .
؟
ذكر الفتنة بين المشارقة والمغاربة وهرب ابن عمار ما كان من أمره
كان سبب ذلك أن سليمان بن جعفر لما عزل جيش بن الصمصامة ، عن طرابلس حضر جيش إلى مصر واجتمع بشكر الخادم وبرجوان سراً وعرفهما بغض أهل الشام في المغاربة ، وكان جيش أيضاً من كتامة وبينه وبين سليمان عداوة متمكنة ، فحسن لهما الفتك بالحسن بن عمار ، فوقع هذا الكلام من برجوان بالموقع العظيم مع ما تقدم بينهما من الوحشة . وعلم برجوان أن القاهرة ومصر قد خلتا من المغاربة فلم يبق فيها إلا العدد القليل وأمكنه الفرصة فانتهزها ، وراسل الأتراك والمشارقة في القبض على الحسن بن عمار .
وأحس ابن عمار بذلك فقصده المبادرة إلى الإيقاع ببرجوان وشكر ، ورتب جماعة في دهليز داره ، وقرر معهم الفتك بهما إذا دخلا إليه ، وكان لبرجوان عيون كثيرة فأطلعوا على ما دبره ابن عمار عليه ، واتفق أن الحسن استدعاه ومعه شكر ، فركبا إلى داره ، وكانت آخر القاهرة مما يلي الجبل ، ومعهما جماعة من الغلمان ، فلما وصلا باب الدار ظهرت لها عين القضية فعادا إلى القصر بسرعة وجرد الغلمان سيوفهم ، فدخلا قصر الحاكم ، فثارت الفتنة ، واجتمع الأتراك والديلم والمشارقة وغيرهم على باب القصر ، وبرجوان يبكي ، وهم يبكون لبكائه ، وهو يحرضهم على القيام بواجب خدمة الحاكم .

الصفحة 107