كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)
"""""" صفحة رقم 114 """"""
الحاكم قبل ذلك في سنة خمس وتسعين قد بعث إليهم جيشاً مقدمه أبو الفتيان التركي وقتل الحاكم بعضهم وحرقه بالنار ، فوجدهم قد أجمعوا على أن يقتلوه ويحاربوه ، ولم يعلموا من يقدمونه عليهم ، فعرفهم أبو ركوة أنه من بيت الخلافة ، فانقادوا إليه وبايعوه بالخلافة ، ونعت بأمير المؤمنين ، وانضاف إليهم من لوانة ومزاتة وزناتة جمع كثير ، وجاءوا إلى مكان بالقرب من برقة .
فلما بلغ الحاكم أمره جهز عساكره لقصده ، فأول من خرج بها ينال الطويل التركي في منتصف شعبان سنة خمس وتسعين وثلاثمائة ، فالتقوا واقتتلوا ، فقتل ينال وعامة من معه من العساكر ، وغنموا ما معهم ، وسار أبو ركوة إلى برقة وأخذها بعد حصار ، فاستفحل أمره .
وشرع الحاكم في تجريد العساكر إليه ، فجهزها في ربيع الأول سنة ست وتسعين وعليها ابن الأرمينية ، فسار إلى المكان المعروف بالحمام ، فلقيه بنو قرة في جماعتهم فهزموه وقتلوه وانتهبوا ما كان معه .
فندب الحاكم عسكراً وقدم عليه أبا الحسن ابن فلاح وجلين وإبراهيم بن الإفرنجية ؛ ثم ندب القائد أبا الفتوح فضل بن صالح لقتاله ، فخرج إلى أرض الجيزة في رابع شوال وأنفق في العساكر ، وكوتب على بن الجراح ، بالوصول إلى الحضرة ، فورد من الشام في سابع عشر شوال ، وورد الخبر بنهب الفيوم ، فبعث الحاكم سرية لحفظه ، وسار الفضل بن صالح عن مكانه إلى ذات الكوم في رابع ذي القعدة ، وكسر أبو ركوة عسكر ابن فلاح ونهب سواده والخزائن التي معه ، وقتل من أصحابه جماعة ؛ فاضطرب الناس واشتد خوفهم ، وباتوا في الدكاكين والشوارع . وتوجه القائد فضل بن للقاء أبي ركوة ، فالتقيا بموضع يعرف برأس البركة ، على نصف مرحلة من مدينة الفيوم ، لثلاث خلون من ذي الحجة . واقتتل العسكران قتالاً شديداً وانجلت الحرب عن قتل عامة عسكر أبي ركوة ، وانهزم أبو ركوة إلى بلاد النوبة وتبعه الفضل إلى الأعمال القوصية .
وذكر بعض المؤرخين أن الحاكم لما أعياه أمره دس إليه جماعة من أولياء دولته وأمرهم بطاعته ، وأن يذكروا انحرافهم عن الحاكم بسبب قتله لهم ، ففعلوا ذلك ، فاغتر به ، ووصل معهم إلى أوسيم على ثلاثة فراسخ من القاهرة ، فالتقى هو والفضل كما