كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)
"""""" صفحة رقم 117 """"""
وهي قصيدة مطولة مدح بها آل الجراح ، فلما سمعها حسا هش لها وجدد من القول ما طاب به قلب الوزير وسكن جأشه .
ثم حسن ابن المغربي لبني الجراح أن يخرجوا على طاعة الحاكم ، فوافقوه ، على ذلك ، وقتلوا تارتكين أحد الأمراء الحاكمية المقيم بالرملة ، ثم حسن لهم أن يقيموا أبا الفتوح حسن بن جعفر الحسني خليفة ، وهو أمير الحرمين يومئذ ، وأن يحضروه من مكة ، فأجابوه إلى ذلك ، وأرسلوا إلى مكة وأحضروه إليهم ، فلما قرب أبو الفتوح من ديار بني الجراح خرجوا إليه وتلقوه ، وقبلوا الأرض بين يديه ، وبايعوه بالخلافة ولقبوه بالراشد بالله ، فحينئذ صعد أبو القاسم ين المغربي المنبر وخطب خطبة يحرض فيها الناس على الخروج على الحاكم ، فأشار إلى مصر وقرأ : " طسم ، تلك آيات الكتاب المبين ، نتلوا عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون ، إن فرعون قد علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم بذبح أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين ، ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم من الوارثين ، ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون " فلما سمع الحاكم ذلك أزعجه ، فندب الجيوش لقتالهم ، مع ياروخ تكين العزيزي ، فاعترضه حسان بين رفح والداروم ، والتقوا واقتتلوا ، فانهزمت أصحاب ياروخ تكين ، وأسره هو ونقل إلى الرملة ، وسمع غناء جواريه وحظاياه بحضوره وهو مقيد معه في المجلس ، وارتكب معه الفواحش العظيمة ، ثم قتله صبراً بين يديه .
وبقي الشام لبني الجراح ، فشرع الحاكم 56 يأخذهم بالملاطفة ، وراسلهم ، وبذل لهم الرغائب والأموال ، والأقمشة والجواري ، وقرر لكل واحد منهم خمسين ألف دينار عيناً ، واستمالهم عن أبي الفتوح ، فاتصل ذلك بأبي الفتوح ، فقال لهم : إن أخي قد خرج بمكة ، وأخاف أن يستأصل ملكي بها ، فأعادوه إلى مكة في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعمائة ، وكان الحاكم قد أرسل إلى الوزير أبي القاسم المغربي وكتب له أماناَ واستماله ، وبني على أهله ترباً في القرافة ، وهي ست ترب ، وتعرف بالسبع قباب إلى هذا الوقت .