كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 12 """"""
أحمد بن الموفق ، وهو المعتضد ، وبين أبي الجيش خمارويه بن أحمد .
وكان سبب هذه الوقعة أن المعتضد لما مات ملك دمشق سار بعساكره إلى الرملة لقصد عسكر خمارويه ، فأتاه الخبر بوصول خمارويه إلى عسكره وكثرة ما معه من الجموع ، فهم المعتضد بالرجوع ، فلم يمكنه من معه من أصحاب ابن طولون الذين صاروا معه . وكان المعتضد قد أوحش ابن كنداجق وابن أبي الساج ونسبها إلى الجبن ، حيث انتظراه حتى وصل إليهما ولم يناجزا عسكر خمارويه الحرب ، ففسدت نيا تهما .
قال : وحل خمارويه ونزل على الماء الذي عليه الطواحين عند الرملة ، وملكه فنسبت الوقعة إليه . ووصل المعتضد وقد عبأ أصحابه ، وفعل خمارويه كذلك ، وجعل كميناً عليهم سعد الأيسر ، فحملت ميسرة المعتضد على ميمنة خمارويه فانهزمت . فلما رأى خمارويه ذلك ، ولم يكن رأي مصافاً قبله ، ولي منهزماً في طائفة من الأحداث الذين لا علم لهم بالحرب ، ولم يقف دون مصر ، ونزل المعتضد إلى خيام خمارويه وهو لا يشك في تما النصر ، فحرج سعد الأيسر بالكمين وانضاف من بقي من الجيش ، ونادوا بشعارهم ، وحملوا على عسكر المعتضد ، وقد اشتغلوا بنهب السواد ، فوضع المصريون السيف فيهم ، فظن المعتضد أن خمارويه قد عاد ، فركب فانهزم لا يلوي على شيء ، ووصل إلى دمشق فلم يفتح له أهلها ، فمضى منهزماً حتى وصل طرسوس . واقتتل العسكران وليس لواحد منهم أمير ، وطلب سعيد الأيسر خمارويه فلم يجده ، فأقام أخاه أبا العشائر مقامه ، وتمت هزيمة العراقيين ، وقتل منهم خلق كثير ، وأسر خلق كثير ، وجاءت بشائر بالنصر إلى مصر ، فسر خمارويه بالظفر ، وخجل من الهزيمة ، وأكثر الصدقة ، وفعل مع الأسرى ما لم يسبق إليه ، وقال لأصحابه هؤلاء ضيوفكم ، فأكرموهم . ثم أحضرهم بعد ذلك وقال : من اختار المقام عندنا فله الإكرام والمواساة ، ومن أراد الرجوع جهزناه وسيرناه ، فمنهم من أقام ، ومنهم من عاد مكرماً . وسارت عساكر خمارويه إلى الشام ففتحه أجمع ، واستقر ملك خمارويه .

الصفحة 12