كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 121 """"""
ذكر البيعة بولاية العهد لأبي القاسم عبد الرحيم
وفي ثالث شهر ربيع الأول ، سنة أربع وأربعمائة عهد الحاكم بولاية العهد بعده لابن عمه أبي القاسم عبد الرحيم بن إلياس بن أحمد بن المهدي فبويع بولاية العهد ، وكتب اسمه على السكة ، ودعي له في المنابر ، وفيها منع الحاكم النساء من الخروج مطلقاً لا ليلاً ولا نهاراً ، ومن دخول الحمامات ، وطلوع الأسطحة ، ومنع الأساكفة من عمل الخفاف لهن ، وشدد في ذلك ، فشكى إليه التجار من ذلك ، فأمرهم أن يحملوا ما يبيعونه في الأسواق ويطوفوا به في الدروب ويبيعوا النساء ، وأن يكون للمرأة شيء مثل المغرفة بساعد طويل تتناول ما تبتاعه من الرجل ، ثم أمر بإطلاق العجائز والإماء في يوم الخميس تاسع شهر رمضان منها ، فخرج بعض النساء إلى القصر داعيات للحاكم ، فعلم بهن فأعاد المنع والتشدد في يومه ، ولم يسمح إلا للنساء المتظلمات للشرع ، والخارجات للحج ، والإماء للبيع ، والأرامل ، وغواسل الأموات ، والأرامل اللواتي يبعن الغزل .
ذكر إحراق مصر وقتال أهلها
كان سبب ذلك أن الحاكم ركب في ذي القعدة سنة عشر وأربعمائة ، فوجد امرأة متردية عممت من قراطيس ، وفي يديها ورقة فيها سب للحاكم وأسلافه وذكره بقبيح الأفعال ، فلما وقف عليها أمر بنهب مصر وحرق بعض دورها ، وفرق السلاح على السودان والعبيد ، فتبادورا على إليها وفعلوا ما أمرهم به ، فقام أهلها وقاتلوا قتالاً شديداً ثلاثة أيام ، ثم أرسلوا إلى الحاكم يستقيلون فلم يقلهم ، فعادوا القتال ، وأحرق من مصر جانب جيد ، فلما رأى الحاكم أن الأمر يؤول إلى التلاف كف عنهم بعد أن تلف من العقار ما تحصى قيمته ، وسير عياداً الصقلبي إليها في جماعة من الجند لتسكين الفتنة ، فشاهد أمراً عظيماً ، فعاد إلى الحاكم وذكر له قبح النازلة

الصفحة 121