كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 125 """"""
ذلك فارتفع شأنه ؛ وأتخذ لنفسه خواص لقبهم بألقاب ، منهم رجل لقبه بسفير القدرة وجعله رسولاً له ، وكان يرسله لأخذ البيعة على الرؤساء على اعتقاده في الحاكم ، فلم يمكنهم مخالفته خوفاً على نفوسهم من بطشه .
ثم نبع شاب من مولدي الأتراك اسمه أنوشتكين النجاري ، ويعرف بالدرزي ، فسلك طريق الزوزني وكثرت أتباعه ، وكان الحاكم أيضاَ يقف معه ويخلو به ؛ وسمى نفسه سند الهادي وحياة المستجيبين . واستمر الأمر على ذلك إلى الثاني عشر من صفر ، سنة إحدى عشرة وأربعمائة ، فاجتمع جماعة من أصحاب حمزة الزوزني على خيول وبغال ، ودخلوا الجامع العتيق ركباناً وهم يعلنون بمذهبهم ، وجاء ثلاثة منهم إلى الموضع الذي يجلس فيه قاضي القضاة ، والمتحاكمون جلوس ينتظرونه ، فتكلموا بكلام أنكره الناس وضجوا بالتكبير والتهليل والثناء على الله عز وجل ، واجتمع أهل مصر بالجامع من كل جهة ، ومضى بعض الناس للقاء القاضي فلقوه وعرفوه ما جرى ، فجاء إلى المجلس ، فتقدم إليه أحد الثلاثة فناوله رقعة الزوزني في أولها بسم الحاكم الله الرحمن الرحيم يأمره فيها بالاعتراف بإلهية الحاكم ، فلم يجبه القاضي بشيء سوى أن قال حتى أدخل إلى حضرة مولانا فطاوله الكلام ، فقتله العوام وقتلوا رفيقيه والجماعة الذين بالجامع أبرح قتل ، ووثب العوام على قوم كانوا يعرفونهم بهذا المعتقد فقتلوا من وجدوه منهم وحرقوه .
فلما اتصل ذلك بالحاكم أمر بعزل صاحب الشرط وولى غيرهم ، وأمرهم بطلب من اعتدى على أصحاب الزوزني ، فقبضوا على جماعة منهم يناهزون الأربعين ، فقتلوا في أوقات متعددة . واجتمع الأتراك وقصدوا دار الزوزني فغلقها عليه وعلى من عنده ، وقاتلهم من أعلاها ، فهدموا ونهبوا ما فيها ، وقتلوا نحو من الأربعين رجلاً ممن كان معه فيها ، وفر الزوزني فلم يقدر عليه ، ودخل إلى القصر ، فأخفاه الحاكم فيه ، فاجتمع الأتراك ولبسوا سلاحهم وطلبوه من الحاكم ، فوعدهم بتسليمه لهم ، فانصرفوا ، ثم ركبوا في اليوم الثاني وطلبوه منه ، فخرج جوابه لهم أنه قتل ، فرجعوا إلى ريدان في طلب

الصفحة 125