كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 133 """"""
الله أبي علي المنصور ، بن العزيز بالله أبي المنصور نزار ، بن المعز لدين الله أبي تميم معد ، بن المنصور بنصر الله أبي طاهر إسماعيل ، بن القائم بأمر الله أبي القاسم محمد ، بن المهدي عبيد الله .
وهو الثامن من ملوك الدولة العبيدية وهو الخامس من ملوك مصر والشام منهم .
بويع له صبيحة يوم الأربعاء لاثني عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة سبع وعشرين وأربعمائة ، وذلك أن الوزير الجرجرائي أحضر وجوه القبائل من الكتاميين ، وغيرهم من الأتراك ، فلما اجتمعوا قال لهم : مولانا ضعيف والآجال بيد الله سبحانه ، فإن قضي الله بانتقاله ما تقولون في ولده الأمير معد ؟ قالوا : الذي يقوله الوزير نحن راضون به ، وله سامعون . فلما رتب هذا الأمر استدعى الوزير ، فنهض قائماً ودخل إلى قاعة من قاعات القصر ، ثم أحضر الجماعة ، فوجدوا الأمير معد على سرير الملك وعليه التاج ، فقال : هذا مولاكم ، سلموا عليه بالخلافة ، فسلموا عليه وانصرفوا ، ولقب بالمستنصر بالله ، وكان عمره إذ ذاك سبع سنين .
فلما كان في صبيحة يوم مبايعته ، وهو يوم الخميس ، وقف الكتاميون وعبيد الشراء وغيرهم بباب القصر ، وأغلظوا في الكلام وطلبوا أرزاقهم واستحقاقهم من الوزير ، فقال : أنا كنت وزير الظاهر لإعزاز دين الله وقد توفي ، وأنا أحمل إليكم جميع ما في داري ، وأصبح حمل جميع ما في داره إلى القصر ، فغضب الأتراك له ، وأعادوا ما أحضره إلى مكانه . وتقرر اجتماعه يوم السبت ، فاجتمع الأتراك والديلم وعليهم السلاح ، وجاء الكتاميون ، فلما اجتمعوا بباب القصر خرج إليهم أحد الخدم وقال : ليدخل من كل طائفة عشرة أنفس ، فدخل جماعة ، فقال لهم الوزير : مولانا يقرئكم السلام ويقول لكم : إذا كان مستهل شهر رمضان أمر بالنفقة فيكم ، فانصرفوا ، وجلس قاضي القضاة عبد الحاكم يحلف الناس للمستنصر بالله ، فلما استهل شهر رمضان انفق في الأشراف والكتاميين والعرب والديلم وغيرهم لكل واحد منهم ثلث رزقه ، فلم يرضوا بذلك .

الصفحة 133