كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)
"""""" صفحة رقم 134 """"""
ودامت النفقة إلى العشر الأوسط من شوال فتحالف الكتاميون والأتراك أن يكونوا عصبة واحدة في طلب واجباتهم . واجتمعوا بباب القصر ، فخرج إليهم الأمير أن احضروا بكرة الغد ، فحضروا ، وركب المستنصر إلى أن بلغ باب البحر ، فرموه بالحجارة وصاحوا عليه ، ورماه أحد العبيد بحربة فلم يصبه ، فرمى بنفسه عن دابته ودخل باب البحر إلى القصر ، وانصرف الناس ، وعادوا بكرة نهار الغد ، فدخل من كل طائفة مائة نفر ، ووقع كلام كثير ، وتقرر في آخر الأمر أن يحضروا 63 البغاة منهم ، وخرجوا على مثل ذلك ، ثم عادوا بعد ذلك وتنصلوا من ذنوبهم . وسكن الوزير جميع الطوائف ، واختلف بنو قرة مع كتامة بالجيزة ، فأخرج الوزير عسكراً فأصلح بينهم واستقرت الأمور . وركب المستنصر في مستهل المحرم سنة ثمان وعشرين وأربعمائة من باب العيد إلى باب الذهب ؛ ومشى الناس كافة بين يديه والوزير راكب خلفه ، ودخل الوزير إلى مكانه ، فدخل عليه جماعة من الأتراك الصغار وطلبوا أرزاقهم وأغلظوا له في القول ، وقصدوا قتله ؛ فدخل بعض الأمراء الكبار فخلصه منهم .
ذكر عود حلب إلى ملك ملك الديار المصرية
وفي سنة تسع وعشرين وأربعمائة ملكت حلب على يد أمير الجيوش أنوشتكين الدزبري أمير الشام ، وذلك بعد أن التقى هو ونصر بن صالح بن مرداس ، صاحب حلب ، يوم الجمعة لسبع بقين من جمادى الآخرة فانهزم عسكر ابن صالح . ثم كانت وقعة ثانية فانهزم ثمال بن صالح وأخوه نصر ، فبادر ثمال بدخول البلد ، وأخذ من قلعة حلب أموالاً وتحفاً ، واستخلف بها عمه مقلد بن كامل بن مرداس ، وسار يستنجد بأخواله بني خفاجة ، فثار العوام ونهبوا حلب . ووافى طغان ، أحد الأمراء الذين مع أمير الجيوش ، فدخل حلب بموافقة أهلها ، ثم وصل أنوشتكين الدزبري إليها في يوم