كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)
"""""" صفحة رقم 135 """"""
الثلاثاء لثمان خلون من شهر رمضان ، وأقام بها إلى أخر السنة ، ورجع إلى دمشق في تاسع عشري الحجة منها .
ذكر الوحشة الواقعة بين أبي القاسم الجرجرائي وأمير الجيوش أنوشتكين الدزبري
قال المؤرخ : كان ابتداء الوحشة بينهما في سنة ثلاثين وأربعمائة ، وسبب ذلك أن شبيب بن وثاب النميري صاحب الجزيرة توفي ، فقصد أمير الجيوش أنوشتكين أن يزوج ابنته لولد أحمد بن مروان ليكون له عوناً على بني نمير أصحاب الجزيرة ، وكتب أمير الجيوش إلى مصر يستدعي ابنته ، فلم يطلقها الوزير ولا رأى إتمام الزواج لانضمام ابن مروان إلى الدولة العباسية وتظاهره بموالاتها ، وكتب لولاة الشام إلا يمتثلوا أمر أمير الجيوش . فوقعت الوحشة بينهما ، وأطلق أمير الجيوش لسانه في الوزير ، وسبه .
ودامت الوحشة إلى سنة ثلاث و ثلاثين وأربعمائة ، فصرفه الوزير عن دمشق ، واستعمل عليها ناصر الدولة الحسن بن الحسين بن حمدان ، فلما علم بذلك أهل دمشق تنكروا على أميرهم ، وحاصروه بقصره ظاهر دمشق ، في سابع عشر شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين ، فهرب إلى حلب ، وقاسى مشقة عظيمة في طريقه ، ونهبت أمواله ، فلما دخل حلب أقام بها ثلاثة أيام ومرض فتوفي يوم الأحد النصف من جمادى الأولى ، ووصل سجل ثمال بن صالح بن مرداس بولاية حلب ، وذلك قبل وفاة أنوشتكين أمير الجيوش .
ذكر ظهور سكين المشبه بالحاكم وقتله
وفي شهر رجب سنة أربع وثلاثين وأربعمائة ظهر بالقاهرة رجل يسمى سكين يشبه الحاكم وكان بمصر أقوام يعتقدون أن الحاكم حي وأنه غاب لرأي رآه ، وهذه الطائفة باقية إلى وقتنا هذا ، ويحلفون فيما بينهم فيقولون : وحق غيبة الحاكم ، إلا أنهم لا يتظاهرون بذلك لكل واحد . قال : فلما كان في هذه السنة ظهر هذا الرجل ، فاجتمع عليه القائلون بغيبة الحاكم وزفوه إلى القصر ، وأدخلوه إياه ، وقد دهش الناس ، فأدى