كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 17 """"""
وجاهروا بالخلاف ، وقالوا : لا نرضى بك أميراَ ، فاعتزلنا حتى نولي الإمارة عمك .
وكان سبب ذلك أنه لما ولي قرب الأحداث والسفل ، واخلد إلى سماع أقوالهم ، فغيروا نيته على قواده وأصحابه ، فصار يقع فيهم ويذمهم ، ويظهر العزم على الاستبدال بهم ، واخذ نعمهم وأموالهم ، فاتفقوا على قتله وإقامة عمه ، فبلغه ذلك فلم ينته ، وأطلق لسانه فيهم ، ففارقه بعضهم ، وخلعه طُغج بن جُفّ أمير دمشق .
وسار القواد الذين فارقوه إلى بغداد ، وهم : محمد بن إسحاق بن كنداجق ، وخاقان المفلحي ، وبدر بن جُفّ أخو طُغج ، وغيرهم من قواد مضر ، فسلكوا البرية وتركوا أموالهم وأهليهم ، فتاهوا أياماً ، ومات جماعة منهم من العطش ، وخرجوا فوق الكوفة بمرحلتين وقدموا على المعتضد ، فخلع عليهم ، وأحسن إليهم ، وبقي سائر الجند بمصر على خلافهم ، فسألهم كاتبه على ابن أحمد الماذرائي أن ينصرفوا من يومهم ذلك ، فرجعوا ، فقتل جيش عمين من عمومته ، فثار الجند إليه ، فرمى لهم بالرأسين ، فهجم الجند عليه وقتلوه ، ونهبوا داره ، ونهبوا مصر وأحرقوها ، وكانت ولايته تسعة أشهر ، وقيل ثمانية ، والله أعلم .
ذكر ولاية أبي موسى هارون ابن أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون وهو الرابع من ملوك الدولة الطّولونيّة
ملك بعد مقتل أخيه في سنة ثلاث وثمانين ومائتين ، وهو ابن عشر سنين ، فاختلت الأحوال ، واختلف القواد وطمعوا ، فانحل النظام ، وتفرقت الكلمة ، ثم اتفقوا أن يجعلوا أبا جعفر بن أبي التركي مدبر الدولة وكان مقدماً عند أبيه وجده ، فأصلح الأحوال جهد طاقته ، وجهز جيشاً إلى دمشق عليه بدر الحمامي والحسن بن

الصفحة 17