كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)
"""""" صفحة رقم 18 """"""
أحمد الماذرائي ، فأصلحا حالها ، وقررا أمور الشام ، واستعملا على الشام طُغج بن جُفّ الفرغاني ، وهو والد الإخشيد ، ورجعا إلى مصر ، وفي الأمور اختلال ، والقواد قد تغلبوا ، وضم كل منهم إلى نفسه طائفة من الجند ، ولم يزل الأمر على ذلك إلى سنة إحدى وتسعين ومائتين .
ذكر انقراض الدولة الطّولونيّة
كان انقراضها في يوم الخميس لليلتين بقيتا من صفر ، سنة اثنتين وتسعين ومائتين .
وسبب ذلك أن الخليفة المكتفي بالله ندب محمد بن سليمان كاتب الجيش في سنة إحدى وتسعين ومائتين ، وخلع عليه وعلى جماعة من القواد ، وأمرهم بالمسير إلى مصر والشام وانتزاعها من هارون خماروية ، لما ظهر من عجزه واختلاف أصحابه عليه . فسار عن بغداد شهر رجب ، هو وعشرة آلاف ، ووصل إلى حدود مصر في المحرم سنة اثنتين وتسعين ومائتين ، ووجه المكتفي أيضاً دميانة الرومي غلام يازمان بالمراكب ، فوصل إلى تنيس ودخل نهر النيل ، فوجه إليه هارون جماعة من القواد ، فكان أول من خرج إليه والتحق به بدر الحمامي وهو رئيس القواد ففت ذلك اعضاد المصريين . وتتابع القواد إليه . فلما رأى هارون ذلك خرج بمن معه من القواد لقتال محمد بن سليمان ، فكانت بينهم حروب ، ثم وقع بين أصحاب هارون في بعض الأيام ، فاقتتلوا ، فخرج هارون ليسكنهم ، فرماه بعض المغاربة بمزراق فقتله ، وقيل بعد ذلك بل عمه شيبان ، وذلك لاثني عشرة ليلة بقيت من صفر ، سنة اثنتين وتسعين ومائتين .
وكانت مدة ولايته نحو تسع سنين تقريباً .
فبايع الأجناد عمه أبا المقانب شيبان بن أحمد بن طولون ، وهو الخامس من ملوك الدولة الطّولونيّة ، وعليه انقرضت .