كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 261 """"""
الدين الشهيد بذلك ، ويعرفه أنه لا يمكنه الخروج من القاهرة لأنه لا يأمن أمر الشيعة وأنهم يثورون بعده ، فيبقى الفرنج أمامه والمصريون خلفه ، فأمده نور الدين بعسكر وخرج نور الدين بنفسه إلى بلاد الفرنج للإغارة عليها ؛ فاستباح أموالها لخلو البلاد الساحلية منهم فلما بلغهم ذلك رجعوا إلى بلادهم بساحل الشام بعد مقامهم على دمياط نيفاً وخمسين يوماً ، ولم يظفروا منها بشيء ، وأخرج العاضد للملك الناصر في هذه الغزاة ألف ألف دينار مصرية ، سوى الثياب والأسلحة .
ذكر غزوه بلاد الفرنج وفتح إيلة
وفي سنة ست وستين وخمسمائة سار الملك الناصر عن القاهرة وأغار على أعمال عسقلان والرملة وهجم على ربض غزة فنهبه . وأتاه ملك الفرنج في قلة من العسكر ليرده ، فهزمه الملك الناصر بعد أن اشرف على أسره وعاد إلى القاهرة ، وعمل مراكب مفصلة ونقلها على الجمال إلى البحر . فجمع قطعها وشدها ، وألقاها في الماء ، وحصر إيلة براً وبحراً ، وفتحها في العشر الأول من شهر ربيع الآخر ، واستباح أهلها وما فيها ؛ وعاد إلى الديار المصرية .
ذكر محاصرة الشوبك وعوده عنها
قال المؤرخ : وفي صفر سنة سبع وستين توجه الملك الناصر إلى حصن شوبك ونازله ، وحصره ، وضيق على من به من الفرنج . ودام القتال ، فطلب أهله الأمان ، واستمهلوه إلى عشرة أيام فأجابهم إلى ذلك ، ثم بلغه أن الملك العادل نور الدين جاء من دمشق إلى الشوبك من الجانب الآخر ، فخاف أن نور الدين متى ملك الشوبك قبض عليه ، فعاد إلى الديار المصرية ، وكتب نور الدين يعتذر بمرض أبيه بمصر ، فقبل عذره ظاهراً ، ووقعت الوحشة بينهما باطناً .
ذكر وصول أسطول صقليه إلى ثغر الإسكندرية وانهزامه
كانت هذه الحادثة في سنة سبعين وخمسمائة ، ولم يكن للملك الناصر بها غزاة إلا نفسه ولا مباشرة للحرب ، وكان سبب وصول هذا الأسطول إلى الثغر ما قدمناه من

الصفحة 261