كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 262 """"""
مكاتبة المصريين الذين صلبهم صلاح الدين الفرنج ، فوصل من صقلية مائتا شيني تحمل الرجال وست وثلاثون طريدة تحمل الخيل وست مراكب تحمل آلة الحرب ، وأربعون مركباً تحمل الأوازد ، وفي المراكب من الرجال : خمسون ألفاً ومن الفرسان ألف فارس وخمسمائة فارس ، وكان المقدم عليهم ابن عم صاحب صقلية ، فوصلوا إلى الثغر في السادس والعشرين من ذي الحجة سنة تسع وستين على حين غفلة ، فخرج إليهم أهل الثغر بعددهم وأسلحتهم ، فمنعهم المتولي عليهم ، وأمرهم أن يقاتلوا من وراء السور ، وطلع إلى البر ونصبوا الدبابات ، وقاربوا السور ؛ وقاتلهم أهل البلد قتالاً شديداً . وجاء إلى الإسكندرية من كان إقطاعه بالقرب منها .
وكتب إلى الملك الناصر بذلك ، فتجهز بنفسه ، وقدم من يعلم أهل الثغر بوصوله ، وكان أهل الثغر قد انكوا في الفرنج وقتلوا وجرحوا كثيراً منهم ، وحرقوا الدبابات .
ولما علم الفرنج بمقدم الملك الناصر جنحوا إلى الهرب ، وأخذتهم سيوف أهل الثغر ، وحرقوا بعض مراكبهم ، ونهبوا خيامهم وأخذوا سلاحهم ؛ وكثر القتل فيهم ، وهرب من بقي ؛ واحتمى ثلاثمائة من الفرسان على تل ، فقاتلهم المسلمون طوال الليل إلى ضحى الغد فأخذوا بين أسير وقتيل .
120 -
ذكر مسيره إلى عسقلان وغيرها وانهزام عسكره وعوده
وفي سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة خرج الملك الناصر إلى غزة وعسقلان .
وكان رحيله من القاهرة بعد صلاة الجمعة لثلاث ليال خلون من جمادى الأولى من السنة ، فوصل إلى عسقلان في يوم الأربعاء لليلة بقيت من الشهر ، فسبى وسلب ، وضرب أعناق الأسرى ، وتفرق عسكره للإغارة على الأعمال .
ثم سار إلى الرملة في يوم الجمعة مستهل جمادى الآخرة ، فاعترضه الفرنج وقد جمعوا جموعاً كثيرة ؛ فكان بينهما وقعة عظيمة استشهد فيها أحمد ولد الملك المظفر تقي الدين عمر ، وأسر ولده الثاني شاهنشاه ، وأقام في الأسر سبع سنين حتى أفكه السلطان بمال كثير ، وأسر الفقيه عيسى الكهاري .
ثم كانت على المسلمين . وذلك أن العساكر كانت قد تعبت للحرب ، فلما قاربهم

الصفحة 262