كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 265 """"""
إلى الأساس ، وأخذ ما فيها من الآلات . ووجد المسلمون في أرضها صهريجاً مملوءاً من الآلات والفضة والنحاس . فبذل ابن لاوون جملة من المال ، وأنه يطلق الأسرى ، ويشتري خمسمائة أسير من بلاد الفرنج ويطلقهم ، فأجابه السلطان إلى ذلك ، وأخذ رهينة عليه ، ثم عاد إلى الديار المصرية ، وأقام بها إلى سنة ثمان وسبعين وخمسمائة .
ذكر مسيره إلى الشام والإغارة على طبرية وبيسان وما كان من الظفر بمراكب الفرنج ببحر عيذاب
وفي سنة ثمان وسبعين وخمسمائة ، توجه السلطان الملك الناصر لقصد الشام عند وفاة الملك الصالح بن الملك العادل نور الدين ، فأغار على طبرية وبيسان في العشر الأوسط من شهر ربيع الأول ، فانتصر بعد قتال .
وفيها كان الظفر بالفرنج ببحر عيذاب وذلك أن البرنس صاحب الكرك عمل أسطولا بالكرك ، ونقل قطعه إلى بحر أيلة ، وجمعها وألقاها في البحر ، وشحنها بالمقاتلة ، فساروا في البحر وافترقوا فرقتين : فرقة حصلت أيلة وفرقة توجهت إلى عيذاب ، وأفسدوا السواحل ، ونهبوا ، وأخذوا ما وجدوا من المراكب الإسلامية ومن فيها ، من التجار . وجاءوا على حين غفلة ، فرأى الناس ما لم يعهدوا ، فإن هذه البحر لم ير الناس فيه فرنجياً قط ، لا تاجراً ولا مقاتلاً قبل هذا الوقت .
وكان الملك العادل ينوب عن أخيه الملك الناصر بالديار المصرية ، فعمر أسطولا وجهز فيه جماعة من المسلمين ، ومقدمهم حسام الدين لؤلؤ الخاص ، فسار في طلبهم ، وابتدأ بالمركب التي على أيلة ، فظفر بها ، وقتل بعض من فيها وأسر بعضهم . وتوخه لوقته بعد ظفره بهم إلى الذين توجهوا إلى عيذاب ، وكانوا قد عزموا على الدخول إلى الحجاز وأخذ الحاج ، والدخول بعد ذلك إلى اليمن ، فوصل لؤلؤ إلى عيذاب فوجدهم قد نهبوا ما وجدوه بها وتوجهوا ، فسار في أثرهم ، فبلغ رابع والحوراء فأدركهم بها وأوقع بهم فلما تحققوا العطب خرجوا إلى البر واعتصموا ببعض تلك الشعاب ، فنزل من مراكبه وقاتلهم في البر أشد قتال ، وأخذ خيلاً من الأعراب الذين هناك فركبها ،

الصفحة 265