كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 267 """"""
سرية منهم بالغارة على أعمال طبرية ، فانتهوا إلى صفورية فخرج إليهم الفرنج فقاتلوهم ، فكان الظفر للمسلمين ، وهلك مقدم الأستبار ؛ وعادوا إليه فكانت مقدمة النصر المبين .
وانتهت البشائر إلى الملك الناصر وهو بنواحي الكرك والشوبك ، فسار بمن معه في يوم الجمعة سابع شهر ربيع الأول ، وعرضهم في اثني عشر ألف فارس . وعزم على دخول الساحل ، فانتهى إلى ثغر الأقحوانة فاجتمعت الفرنج زهاء خمسين ألفاً ، ونزلوا على مرج صفورية بأرض عكا ، فلم يتقدموا عنها ، فتقدم السلطان إلى الأمراء أن يقيموا في مقابلتهم ، ونزل هو بمن معه من خواصه على طبرية وشرع في نقب سورها ، فهدموه في ساعة من النهار ، وامتنعت القلعة بمن فيها .
فلما اتصل بالفرنج فتح طبرية تقدموا ، وذلك في يوم الخميس ثالث شهر ربيع الآخر ، فترك السلطان على طبرية من يحفظ قلعتها ، وتقدم بالعسكر ، فالتقيا على سطح جبل طبرية الغربي منها ، وحال بينهما الليل ، فباتا إلى صبيحة يوم الجمعة ، فتصادما بأرض قرية اللوبيا ؛ واستمرت الحرب بينهما إلى الليل فكانت من أعظم الحروب . ثم باتا إلى صبيحة يوم السبت ، فالتقيا .
فلما عاين القومص أن الدائرة تكون على طائفته هرب في أوائل الأمر قيل اشتداده ، وسار نحو صور ، فتبعه جماعة من المسلمين ، فنجا بمفرده ، ثم انهزمت طائفة أخرى فتبعها أبطال المسلمين ، فلم ينج منها واحد ، واعتصمت الطائفة الأخرى بتل حطين ، فضايقهم المسلمون وأشعلوا حولهم النيران ، فقتلهم العطش ، فأسر مقدمهم ، وقتل الباقون وأسروا ، وألقى الله عليهم الخذلان .
قال القاضي أبو المحاسن ابن شداد : لقد حكى لي من أثق به أنه لقي بحوران شخصاً واحداً ومعه طنب خيمة فيه نيف وثلاثون أسيراً .
وأما القومص الذي هرب فإنه وصل طرابلس ، واصابه ذات الجنب ، فأهلكه الله .

الصفحة 267