كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 271 """"""
فلما سمع الملك الناصر كلامه استشار عند ذلك أصحابه ، فأشاروا عليه بموافقتهم .
ووقع الصلح على أن يسلموا أسرى المسلمين ويبذلون عن كل رجل من الفرنج عشرة دنانير ، وعن كل امرأة خمسة ، وعن كل طفل وطفلة دينارين ، يستوي في ذلك الغني والفقير ، وبذل ابن بارزان في الفقراء ثلاثين ألف دينار من ماله ، وعلى أن تكون المدة أربعين يوماً فمن أدى ذلك قبل المدة خلص ومن تأخر استرق . وتسلم السلطان المدينة في يوم الجمعة السابع والعشرين من شهر رجب وكان يوماً مشهوداً ، رفعت فيه الأعلام الإسلامية على الأسوار ، ورتب السلطان على أبواب البلد الأمناء من الأمراء يأخذون من أهله ما استقر عليهم ، فخانوا ، ولو أدوا الأمانات لامتلأت الخزائن .
قال : وصلى الملك الناصر الجمعة الثانية في رابع شعبان في قبة الصخرة ، وكان الخطيب والإمام القاضي محي الدين ابن الزكي قاضي دمشق .
ثم رتب له خطيباً وإماماً ونقل إليه المنبر الذي كان عمله الملك العادل نور الدين بحلب برسم البيت المقدس إذا فتحه ، وكان بين عمله وفتح البيت المقدس ما يزيد عن عشرين سنة .
ثم تقدم أمر السلطان بعمارة المسجد الأقصى ومحو ما كان الفرنج صنعوه من الصور على عادتهم ، ونقل إليه المصاحف ، وطهره من أدناس الكفر ، رحمه الله تعالى ، وتقدم بعمل الربط والمدارس ، وجعل دار الأسبتار مدرسة للشافعية .
ذكر رحيله ومحاصرة صور
قال المؤرخ : وأقام السلطان الملك الناصر بالبيت المقدس إلى الخامس والعشرين من شعبان من السنة ، ثم سار لقصد محاصرة صور وقد اجتمع فيها خلق كثير من الفرنج ، وقدم إليها المركيس في البحر بأموال عظيمة ؛ وكانت عادته أن يحضر إلى البيت المقدس بأموال يفرقها ، فلما حضر في هذا الوقت ووصل عكا فرآها قد خرجت

الصفحة 271