كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 274 """"""
الوادي المطيف بجبلها قد ارتفع هناك ارتفاعاً كثيراً حتى قابل القلعة ، بحيث يصل منه حجر المنجنيق والسهام ، فنزله المسلمون ونصبوا المجانيق ، ونصب أهل القلعة منجنيقاً ، فرأى السلطان المجانيق لا تفيد ، فتركها وعزم على الزحف ومكاثرتها بالرجال ؛ فقسم العسكر ثلاثة أقسام يزحفون بالنوبة ، فطال ذلك على أهلها وعجزوا عن مقاتلتهم فملكها المسلمون عنوة ونهبوا واسروا وسبوا ، وأخذوا صاحبها وأهله وأمست خالية خاوية ، وألقى المسلمون النار في بعض البيوت فاحترقت .
ذكر فتح قلعة دربساك
قال : ثم رحل السلطان بعد فتوح برزية من الغد فأتى جسر الحديد ، وهو على العاصي بالقرب من إنطاكية ، فأقام هناك حتى وافاه من تخلق عنه من عسكره ثم سار إلى قلعة دربساك ، فنزل عليها في ثامن شهر رجب سنة أربع وثمانين وخمسمائة ، وهي من أحصن معاقل الداوية وقلاعهم التي يدخرونها عند نزول الشدائد بهم ، فنصب عليها المجانيق ، وتابع الرمي بالحجارة ، فهدم قطعة يسيرة من سورها ، ثم أمر بالزحف عليها ومهاجمتها ، فتوالى الزحف والقتال ، وتقدم النقابون فنقبوا منها برجاً وعلقوه فسقط ، وطلب أهله الأمان فأمنهم على أن لا يخرجوا منها بغير ثيابهم خاصة ، فخرجوا كذلك ، وتوجهوا إلى إنطاكية ، وتسله في تاسع عشر شهر رجب .
ذكر فتح قلعة بغراس
قال : ثم سار عن دربساك إلى قلعة بغراس ، فحصرها بعد أن اختلف أصحابه في حصرها ، فمنهم من أشار به ، ومنهم من نهى عنه وقال هو حصن حصين ، وقلعة منيعة ، وهو بالقرب من إنطاكية ، فسار إليها وجعل عسكره مقابل إنطاكية يغيرون على ضياعها ، وبقي هو في بعض أصحابه على القلعة ونصب عليها المجانيق فلم يؤثر فيها ، فغلب على الظنون تعذر فتحها ، فبينما هم في ذلك إذ جاء رجل من القلعة يطلب الأمان لرسول ، فأعطيه ، وجاء رسول يطلب الأمان لأهلها ، وسلموها على قاعدة دربساك ، وعاد الرسول ومعه الأعلام السلطانية فرفعت على رأس

الصفحة 274