كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 276 """"""
ذكر فتح كوكب
قد قدمنا أن السلطان كان قد جعل على كوكب الأمير قايماز النجمي ، فلما حضر السلطان صفد أرسل من بصور من الفرنج نجدة من جهاتهم إلى كوكب ، وهم مائتا رجل من الشجعان ، فظفر بهم قايماز فقتلهم عن آخرهم ، وأرسل إلى السلطان المقدمين عليهم ، وهما رجلان من فرسان الأسبتار ، فأمر بقتلهما فقال أحدهما ما أظن إننا ينالنا سوء بعد أن رأينا وجهك الصبيح ، فعفا عنهما واعتقلهما .
ولما ملك صفد سار عنها إلى كوكب وشدد الحصار ووالى الزحف ، واشرف على أخذها ، فسأل الفرنج الأمان فأمنهم وأطلقهم ، وتسلم الحصن في منتصف ذي القعدة سنة أربع وثمانين وخمسمائة .
فالتحق من كان به بصور فقويت شوكتهم وكثروا ، لأنه اجتمع عندهم شجعان الفرنج وكماتهم . وتابعوا الرسل إلى ملوك الفرنج بالأندلس وصقلية والجزائر يستغيثون بهم ويسألون الإمداد ، فكان من أمرهم ما نذكره إن شاء الله تعالى .
قال : ثم سار السلطان إلى البيت المقدس فعيد فيه عيد الأضحى ، ثم سار منه إلى عكا وأقام بها إلى أن انسلخت السنة . وفي سنة أربع وثمانين وخمسمائة ثار بالقاهرة اثنا عشر رجلاً من الشيعة ، ونادوا بشعار العلويين ، وصاحوا : يا لعلي ، وسلكوا الدروب ينادون ، ظناً منهم أن أهل البلد يلبون دعوتهم ويخرجون معهم فيعيدون الدولة العبيدية ويملكون البلد ويخرجون من بالقصر من العلويين ؛ فلم يجيبهم أحد من الناس .
فلما خاب سعيهم تفرقوا فأخذوا . وكتب بذلك إلى السلطان فأهمه وأزعجه .
فقال له القاضي الفاضل عبد الرحيم : ينبغي أن يفرح السلطان بذلك ولا يحزن ، حيث علم من بواطن رعيته المحبة له والنصيحة ، وترك الميل إلى عدوه ، ولو وضع السلطان جماعة يفعلون مثل هذه الحالة لعلم بواطن أصحابه ورعيته وخسر الأموال

الصفحة 276