كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 278 """"""
وتقدم إلى الشقيف وضيق من به ، وترك عليه من يحفظه ويمنع الوصول إليه . فتسلمه في يوم الأحد خامس عشر شهر ربيع الأول سنة ست وثمانين ، وأطلق صاحبه .
ذكر مسير السلطان من مرج العيون إلى صور وما كان عليه من الوقائع
قال : وجاءت السلطان كتب من أصحابه الذين جعلهم يزكا في مقابلة الفرنج على مدينة صور يخبرونه إن الفرنج قد اجتمعوا على عبور الجسر الذي لصور ، وعزموا على حصار صيدا ، فسار جريدة في شجعان أصحابه ، فوصل بعد أن كانت الوقعة بين الفرنج ولين اليزك .
وذلك أن الفرنج خرجوا من مدينة صور فلقيهم اليزك على مضيق وقاتلوهم ومنعوهم ، وكانت حرباً شديدة ، وأسر من الفرنج جماعة ، منهم سبعة رجال من فرسانهم المشهورين ، وقتل من المسلمين جماعة ، ثم عجز الفرنج عن الوصول إلى صيدا فعادوا إلى صور والله أعلم .
ثم كانت وقعة ثانية بعد وصول السلطان مع المتطوعة .
وذلك أن السلطان لما جاء إلى صور أقام مع اليزك في خيمة صغيرة ينتظر عودة الفرنج للخروج ؛ فركب في بعض الأيام في عدة يسيرة لينظر إلى مخيم الفرنج من الجبل ، فظن أن هناك من المتطوعة أنه قصد الغزاة ، فساروا مجدين أوغلوا في أرض العدو وبعدوا 128 عن العسكر ، وخلفوا السلطان وراء ظهورهم ؛ فبعث من يردهم فلم يرجعوا ، وظن الفرنج أن وراءهم من يحميهم فأحجموا عنهم ؛ فلما علموا بانفرادهم حملوا عليهم حملة رجل واحد ، فقتل منهم جماعة من المعروفين : فشق على السلطان والمسلمين ، وكانت هذه الوقعة في تاسع جمادى الأولى . فلما رأى السلطان ذلك انحدر من الجبل بمن معه ، وحمل على الفرنج فردهم إلى الجسر ، فرموا بأنفسهم في الماء ، فغرق منهم مائة دارع سوى من قتل ، وعادوا إلى مدينة صور ، فعادا السلطان إلى تبنين ثم إلى عكا .
ثم كانت وقعة ثالثة في يوم الاثنين ثامن جمادى الآخرة صبر فيها الفريقان .

الصفحة 278