كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 283 """"""
وخمسمائة ، وأبلغت الرسائل ، فأجابوا إلى ذلك ، فعدت في خامس شعر ربيع الأول سنة ست وثمانين ، وسبقت العساكر .
ثم وصلت العساكر عند انقضاء الشتاء في شهر ربيع الأول وأمده الخليفة بحمل النفط الطيار وحملين من القنا ، وتوقيع بعشرين ألف دينار يقبض على الديوان العزيز من التجار ، وخمسة من الزراقين .
وكان العدو قد اصطنع ثلاثة أبرجة من الخشب والحديد كالجبال وألبسها الجلود المسقاة بالخل ، فيسر الله تعالى على المسلمين إحراقها ، وذلك في الثامن والعشرين من شهر ربيع الأول .
قال : وكان السلطان قد كتب إلى مصر بعمارة الأسطول وإحضاره إلى عكا ، فوصل في يوم الخميس ثامن الشهر ، فكانت الحرب في هذا اليوم في ثلاثة مواضع في البحر ، والحصار في البر ، وكان النصر بحمد الله للمسلمين .
هذا ما كان من أمر السلطان لما بلغه خبر ملك الألمان .
وأما ملك الألمان فقال ابن الأثير في تاريخه الكامل : وفي سنة ست وثمانين وخمسمائة خرج ملك الألمان من بلاده ، وهم طائفة من الفرنج من أكثرهم عدداً وأشدهم بأساً ، وكان قد أزعجه ملك المسلمين البيت المقدس ، فجمع عساكره وسار بهم ، وطريقه في مسيره على القسطنطينية ، فأرسل ملك الروم بخبره إلى السلطان ، ووعده أنه لا يمكنه من العبور إلى بلاده ، فلما وصل ملك الألمان إلى القسطنطينية عجز ملكها عن منعه من العبور لكثرة جموعه ، لكنه منع عنهم الميرة ، فقلت أزواده ، وساروا حتى عبروا خليج القسطنطينية ، وصاروا على ارض بلاد الإسلام ، وهي مملكة الملك قلج أرسلان بن مسعود السلجقي ، فلما وصلوا إلى أوائلها ثار عليهم التركمان فما زالوا يسايرونهم ، فيقتلون من انفرد منهم ويسرقون ما قدروا عليه ؛ فنالهم لذلك مشقة عظيمة ، وهلك كثير منهم من الجوع والبرد وكثرة الثلوج .
فلما قاربوا مدينة قونية خرج إليهم الملك قطب الدين ملكشاه بن قلج أرسلان

الصفحة 283