كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 285 """"""
المسلمون ؛ وخرج أهل حلب وغيرها إليهم وأسروا خلقاً كثيراً ، ومات أكثر ممن أسر .
قال : وبلغوا إلى طرابلس وأقاموا فيها أياماً فكثر فيهم الموت فلم يبق منهم إلا نحو ألف رجل ، فركبوا في البحر إلى الفرنج الذين على عكا .
ولما وصلوا ورأوا ما نالهم في طريقهم وما هم فيه من الاختلاف عادوا إلى بلادهم ، فغرقت بهم المراكب ، فلم ينج منهم أحد .
وقال ابن شداد : إنهم لما وصلوا إلى إنطاكية طلب ابن ملكهم من صاحبها قلعتها لينقل إليها من أمواله وخزائنه وأثقاله ، فسلمها إليه طمعاً في ماله ، وكان كذلك ، فإنه لم يعد إليه واستولى الإبرنس على ما فيها .
قال : وجاءت فرقة منهم على حصن بغراس وظنوا أنه للفرنج ، ففتح لهم والي الحصن الباب وتسلم منهم الأموال ، واسر جماعة منهم وقتل ، وخرج إليهم العسكر الحلبي فقتل منهم وأسر ، ثم أخذ من بقي منهم على طريق طرابلس فخرج عليهم من باللاذقية وجبلة ، فقتلوا منهم وأسروا .
ثم ركب ملك الألمان في البحر من طرابلس بمن بقي معه لقصد عكا ، في أواخر شعبان ، فثارت عليهم ريح كسرت منهم ثلاثة مراكب ، ووصل الباقون إلى صور ثم إلى عكا في سادس شهر رمضان سنة ست وثمانين ؛ وكان لقدومهم وقع عظيم .
سيأتي ذكر ما تجدد بعد وصولهم إلى عكا إن شاء الله تعالى .
فلنذكر ما كان قبل وصولهم من الوقائع .
ذكر الوقعة العادلية على عكا
كانت هذه الوقعة في يوم الأربعاء العشرين من جمادى الأولى سنة ست وثمانين .
قال ابن شداد : لما بلغ السلطان وصول ملك الألمان إلى بلاد الأرمن جهز بعض العساكر إلى البلاد المتاخمة لطريق عسكر العدو . وتقدم أمره بهدم سور طبرية وهدم يافا ، وأرسوف وقيسارية ، وهدم سور صيدا وجبيل ونقل أهلها غلى بيروت . فلما علم الفرنج إن العساكر قد تفرقت نهضوا للقتال بغتة وهجموا على الميمنة وفيها مخيم

الصفحة 285