كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 286 """"""
الملك العادل ، فلما بصر بهم ركب فيمن معه ، وتلاحقت به العساكر ، واقتتلوا ، فكانت من أعظم الوقائع ، قتل فيها خلق كثير من الفرنج .
قال : ولقد خضت في الدماء بدابتي واجتهدت أن أعدهم فما قدرت على ذلك لكثرتهم وتفرقهم ، وشاهدت منهم امرأتين مقتولتين ، وكانت هذه الواقعة فيما بين الظهر والعصر في الميمنة وبعض القلب ، ولم نفقد من المسلمين فيها غير عشرة غبر معروفين .
قال : ولما أخبر من بعكا من المسلمين بهذه الوقعة خرجوا إلى مخيم العدو من البلد ، وجرى بينهم مقتلة عظيمة انتصر فيها المسلمون ، ونهبوا ما كان بخيام الفرنج من الأقمشة وغيرها ، حتى الطعام الذي في القدور ، وسبوا النساء .
قال : واختلف الناس في عدد من قتل من الفرنج في هذه الوقعة ، فقيل ثمانية آلاف ، وقيل سبعة آلاف ، ولم ينقصهم حازر عن خمسة آلاف .
ذكر وصول الكندهري إلى عكا نجدة للفرنج وما جدده من آلة الحصار
قال : ثم وصل الكندهري في البحر نجدة للفرنج في عدد كبير أضعاف ما نقص منهم ، ففرق الأموال واستخدم ونصب المجانيق على عكا فحرقها المسلمون ؛ ثم نصب منجنيقين فأحرقا في أول شعبان ، وكان قد أنفق عليهما ألف دينار وخمسمائة دينار وأسر من الفرنج سبعون في هذا اليوم ومن جملتهم فارس كبير عندهم فقتله المسلمون .
ثم جهز الفرنج بطشاً لمحاصرة برج الذبان وهو برج وسط البحر على باب ميناء عكا ، فعمدوا إلى بطشه من البطش وعملوا برجاً على صاريها وملأوه حطباً ونفطاً على أنهم يلحقون البطشة ببرج الذبان ، ثم يحرقون البرج الذي على الصاري ، وجعلوا في البطشة وقوداً كثيرة حتى يلقوه في البرج إذا اشتعلت فيه النيران ، وعبؤوا

الصفحة 286