كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 288 """"""
وهجموا على العدو من كل مكان ، وكبسوهم في الخندق ، فانهزموا ؛ ووقع السيف فيمن بقي في الخندق منهم . ثم القوا النار في كبشهم ، فاحترق ، وسرت ناره إلى السفود فاحترق أيضاً ، وعلق المسلمون في الكبش الكلاليب الحديد فسحبوه وهو يشتعل ، فحصل عندهم ، فأطفأوه بالماء وزن ما كان عليه من الحديد فكان مائة قنطار بالشامي 133 فكان هذه اليوم من أحسن أيام الإسلام .
قال : واستأنف الفرنج عمل دبابة أخرى وفي رأسها شكل عظيم يقال له الكبش وله قرنان في طول الرمح كالعمد الغلاظ ، وسقوفها هي والكبش بأعمدة الحديد ، ولبسوا رأس الكبش بعد الحديد بالنحاس . فلم يبق للنار عليها سبيل ؛ وشحنوها بالرجال ، فنصب المسلمون عليها المجانيق ورموها بالحجارة ، فأبعدت الرجال من حولها ، ثم رموها بحزم الحطب فأحرقوا ما بين القرنين ، وخسفها المنحنيق ، وخرج أهل عكا فقطعوا رأس الكبشين .
قال : وفي العشر الأوسط من شهر رمضان ألقت الريح بطشتين فيها رجال ونساء وصبيان ، وميرة عظيمة وأغنام ، فغنمها المسلمون .
وكان في إحداها امرأة محتشمة كثيرة الأموال ؛ واجتهد الفرنج في استنقاذها فلم يجابوا إلى لذلك .
وكان بينهم في بقية السنة عدة وقائع يطول شرحها .
وفي سابع ذي الحجة هدمت قطعة عظيمة من سور عكا فسدها المسلمون وقاتلوا عليها قتالاً شديداً حتى أحكموا بناءها .
وفي ثاني ذي الحجة هلك ابن ملك الألمان وكند كبير ، ومرض الكندهري ، ووقع فيهم فناء عظيم ، والله أعلم .
؟
ذكر وصول ملك افرنسيس
كان وصوله في ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانين وخمسمائة في ست بطش عظام مشحونة بالمقاتلة ، وكان ملكاً مطاعاً فيهم ، ووعدهم بالإمداد خلفه . وكان معه باز عظيم الخلق أبيض اللون ، فطار من يده وسقط على سور عكا ، فأخذه المسلمون وأنفذوه إلى السلطان ، فبذل الفرنج فيه ألف دينار فلم يجاوبوا لذلك .
قال : وزحف الفرنج على عكا في يوم الخميس الرابع من جمادى الأولى سنة

الصفحة 288