كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 291 """"""
سبع وثمانين ، وجمعوا الأسرى ، وحملوا عليهم حملة الرجل الواحد ، فقتلوهم صبراً ، طعناً بالرمح وضرباً بالسيف ، رحمة الله عليهم ، ولم يُبقوا من المسلمين إلا أكابرهم . فلما اتصل الخبر بالسلطان حمل المسلمون عليهم ، وجرت بينهم حرب عظيمة دام القتال فيها طول النهار . وتصرف السلطان فيما كان قد حصله من المال ، وأعاد الأسرى إلى أماكنهم ، ورد صليب الصلبوت إلى مكانه .
؟
ذكر ما كان بعد أخذهم عكا
قال : ثم سار الفرنج إلى صوب عسقلان في مستهل شعبان ، وسار السلطان في عراضهم ، والمسلمون يتخطفونهم ويقتلون منهم ويأسرون ، وكل أسير جيء به إلى السلطان أمر بقتله . ثم كانت وقعة عظيمة في تاسع شعبان عند رحيلهم من قيسارية ، انتصر فيها المسلمون . ثم رحل السلطان فنزل شعراء أرسوف . وطلب ملك الإنكلتير الاجتماع بالملك العادل خلوة ، فاجتمعا ، فأشار بالصلح . وكان حاصل كلامه أنه قد طال بيننا القتال ونحن في نصرة فرنج الساحل ، ورأيي الصلح ، ويرجع كل منا إلى مكانه . فقال له الملك العادل : على ماذا يكون الصلح ؟ قال : على أن تسلموا لأهل الساحل ما أُخذ منهم من البلاد . فأبى الملك العادل .
ثم كانت وقعة أرسوف في يوم السبت رابع عشر شعبان ، وكانت الدائرة على الفرنج .
ذكر هدم عسقلان
قال : ثم رحل السلطان بعد وقعة أرسوف في تاسع عشر شعبان ، ونزل بالرملة ، واستشار أصحابه في أمر عسقلان ، فأشاروا عليه بتخريبها خشية أن يستولي العدو عليها وهي عامرة ، فتكون سبباً لأخذ البيت المقدس وقطع طريق مصر . فعلم السلطان عجز المسلمين عن حفظها لقرب عهدهم بقتال عكا : فسار حتى عسقلان ، وأمر بتخريبها ، وكان هو وولده الملك الأفضل يستعملان الناس في الخراب خشية حضور العدو فيتعذر هدمها ، ثم حرقها بالنار ، والأخبار تتواتر من جهة العدو بعمارة يافا . واستمر الخراب والحريق إلى سلخ شعبان .

الصفحة 291