كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 298 """"""
إلى الشام وترك بالقاهرة من الأمراء بها ء الدين قراقوش وصيرم ، وجهز ثلاثة عشر لواء إلى ثغرى الإسكندرية ودمياط ومعهم سبعمائة فارس . واستصحب معه من الأمراء سبعة وعشرين أميراً عدتهم تقدير ألفي فارس ، ومن الحلقة ألف فارس . فلما اتصل بالأفضل خروجه استعد وأنفق النفقات الوافرة ، وخرج إلى رأس الماء في سبعمائة فارس ، ولما وصل الملك العزيز إلى الغور احتاط على الخاص الأفضلي به ، وشرع في إقطاع أعمال الشام . وجهز من أمرائه : قايماز ، وعشرين أميراً ، منهم ، جهاركس ، وميمون القصري ، وسنقر الكبير ، والشجاع الخادم ، والجناح ، وجرديك . فتقدموا ووقعوا على أطراف العسكر الشامي ، فرجع الأفضل إلى دمشق وغلقت أبواب البلد لما قرب العسكر المصري منها .
وتقدم العزيز وترك ثقله بمسجد القصب بظاهر دمشق ، ونزل هو بالكسوة ، فاستنجد الأفضل بعمه الملك العادل فحضر إلى دمشق ، وحضر الظاهر من حلب ، وناصر الدين صاحب حماة ، وأسد الدين صاحب حمص ، وعسكر الموصل وغيره . فلما رأى العزيز اجتماعهم علم أن لا قدرة له بهذا الجمع ، وكتب إلى عمه العادل يقول : أنا ما خرجت من الديار المصرية إلا لاستنقاذ جبيل من الفرنج ، فبلغني أن الملك الأفضل حالف الفرنج علي ، واستنصر بهم ، ووعدهم أن يعيد البلاد إليهم ، فاقتضى ذلك سوقنا إليه . وبلغنا أنك تدخل بيننا وبينه ، وحوشيت من ذلك ، وأنا خير لك من غيري . وإن أردت أن تكون السلطان ورئيس الجماعة فأنا راضٍ بذلك .
وكتب لأخيه الملك الظاهر وغيره من حكام الممالك وترددت الرسائل بينهم .
وتقررت الحال على أن يكون للملك العزيز البيت المقدس وما جاوره من أعمال فلسطين ، وأن تكون دمشق وبرية وأعمال الغور للملك الأفضل ، وأن يعطي الأفضل لأخيه الملك الظاهر جبلة واللاذقية ، وأن يكون للملك العادل بالديار المصرية إقطاعه الأول ، وأن يخطب للملك العزيز ببلاده وتنقش السكة باسمه ، وأن الملك العزيز يمده بألف فارس إعانة له على فتح خلاط .
واجتمع الملك العادل بالملك العزيز ، وتزوج العزيز ابنته ، وجاء الملك الظاهر صاحب حلب إلى أخيه الملك العزيز . وتقررت قواعد الصلح .

الصفحة 298