كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)
"""""" صفحة رقم 30 """"""
وفي سنة تسع وثلاثون لست خلون من صفر زلزلت مصر ، وتتابعت الزلازل بها ، فتهدم أكثر دورها ، وسقط الجامع العتيق بمصر قطعة ، وتوالت الزلازل في سنة أربعين أيضاً ثلاثة أيام متوالية ، وخسف بعض القرى وهلك من كان بها .
فقال محمد بن عاصم من قصيدة مدح بها كافور جاء بها ،
ما زلزلت مصر من سوء يراد بها . . . وإنما رقصت من عدله فرحاً
وفي سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة انقضت نار من السماء فأحرقت أكثر دور مصر .
ذكر وفاة الوزير أبي بكر محمد بن الماذرائي وشيء من أخباره ومآثره
وفي شوال من سنة خمس وأربعين وثلاثمائة مات الوزير أبو بكر محمد بن علي بن إبراهيم الماذرائي ، وزير لخمارويه بن أحمد ولغيره من أمراء مصر ، ومولده بالعراق سنة سبع وخمسين ومائتين ، وكان له ضياع وأملاك ، قيل إن مقدار ارتفاعها في كل سنة أربعمائة ألف دينار ، وواصل الحج من سنة إحدى وثلاثمائة إلى سنة اثنتين عشرين ، وكان ينفق في كل حجة مائة ألف وخمسين ألف دينار ، وكان يحمل معه أحواضاً من الخشب على الجمال ، مزروع فيها الخضراوات ، وكان لا ينصرف عن الحجاز إلا وقد استغنى فقراؤه ، ثم أوصل الحج من سنة نيف وعشرين إلى سنة أربعين . وقام أربعين سنة يصوم .
وقال المسبحي في تاريخه : حبس هذه الوزير على مكة والمدينة ضياعاً ارتفاعها نحو مائة ألف دينار كل سنة ، منا كورة سيوط ، ومنها نوير ، ومنها بركة الحبش . وحبس أيضاً عليهما بالشام ، وقال في كتب وقفه ، من بدلها فرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) خصمه ، رحمه الله تعالى .
وفي سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة خالف شبيب العقيلي ، وكان والياً على الرملة والساحل ، وسار إلى دمشق وفتحها ، ودخل إليها من باب الجابية ، فوقع عن فرسه ميتاً ،