كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 300 """"""
فلما وصلوا إلى دمشق اتفق العادل والأفضل ، وتحالفا على قصد العزيز انتزاع الديار المصرية منه ، على أن يكون ثلث الديار المصرية للملك العادل إقطاعاً والثلثان للملك الأفضل . وساروا في طلب العزيز ، فرجع إلى الديار المصرية وجد في السير ودخل القاهرة .
قال : ولما وصل العادل والأفضل إلى القدس سلماه وأعماله وما يجاوره من أعمال الساحل لأبي الهيجاء السمين ، فرتب فيه نوابه ، وسار معهما إلى الديار المصرية . فنزل الملك العادل على بلبيس ، وكان السعر ما شيا فاستظهر العزيز عليهم .
قال : ولم يكن غرض العادل قصد مصر وإنما خشي على الملك العزيز من الأمراء أن يقتلوه ويستولوا على الديار المصرية ، فقصدها لهذا السبب .
ولما ضاقت الميرة على العسكر الشامي وقلت أزوادهم ندموا على وصولهم إلى الديار المصرية ، فأرسل الملك العادل إلى القاضي الفاضل عبد الرحيم في الاجتماع به ، فأذن له العزيز في ذلك ، فخرج إليه ، فاستبشر الناس بخروجه رجاء وقوع الصلح . وركب العادل وتلقاه على فراسخ ، فاجتمعا ، واستقرت القواعد على أن يكون إقطاع العادل بمصر على عادته ، وأن تكون إقامته عند الملك العزيز بالقاهرة ، وأن يعفو العزيز عن الأسدية والأكراد .
واجتمع العادل بالأفضل وأمره بالرجوع إلى دمشق . ثم اجتمع الأفضل بالعزيز ، واستقر الصلح بينهما ، وأهدى العزيز إليه هدايا جليلة المقدار . ورجع الأفضل إلى دمشق ومعه أبو الهيجاء السمين ، فدخلها في المحرم سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة .
ولم تطل المدة إلى أن بلغ الملك العادل عن الأفضل ما استوغر خاطره ، فعند ذلك قرر ، مع الملك العزيز ، أن يجهز العساكر لتمهد قواعد المُلك بالشام وسائر البلاد ، واتفقا على أن يكون العزيز بدمشق والعادل ينوب عنه بالديار المصرية .
ذكر ملك الملك العزيز دمشق وخروج الأفضل إلى صرخد
قال : ولما اتفق الملك العادل والملك العزيز على ما قرراه تجهز الملك العادل

الصفحة 300