كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 301 """"""
للمسير إلى دمشق وبرز بخيامه من القاهرة في يوم السبت مستهل شهر ربيع الأول سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة في ثلاثة آلاف فارس . ثم برز الملك العزيز في يوم الثلاثاء ، رابع الشهر ، وظاهر خروجه وداعه لعمه الملك العادل ، وحث العساكر المجردة على الخروج . وأقام ببركة الجب . فلما كان في العشرين من الشهر اتصل بالملك العادل عن الملك الأفضل انه كاتب الأسدية ، وأنه قبض على أموال كانت للعادل بدمشق ، وألق رهائن كانت عند نوابه ، وأنه وافق الظاهر صاحب حلب ، فقرر مع الملك العزيز أن يتوجها جميعاً ويأخذا دمشق من الأفضل وحلب من الظاهر ، فاتفقا على ذلك وعقدا بينهما يميناً .
وشرع الملك العزيز في تجهيز رجال الحلقة والأعيان ، ورحل هو وعمه الملك العادل من البركة في يوم الثلاثاء ثامن جمادى الأولى ، فحصل للعادل ضعف في هذا النهار منعه عن الحركة . وكان وصولهما إلى بلبيس في سابع عشر الشهر ، وكملت صحة العادل في العشرين من الشهر ، وسار إلى الشام على مهل ورفق .
فلما تحقق الملك الأفضل قصدهما لبلاده استشار شيوخ دولته ، فأشاروا عليه أن يستقبل أخاه وعمه ويسلم لهما الأمر ، وأشار وزيره ضياء الدين ابن الأثير الجزري بالتصميم والمخالفة ، فرجع إلى رأيه وحصن البلد ، وفرق الأمراء على الأسوار . فلما رأى شيوخ الدولة وأكابرها أنه لم يرجع إليهم واعتمد على رأي وزيره راسلوا الملك العزيز والملك العادل في انتهاز الفرصة ، فركبا بعساكرهما وتأهبا في يوم الأربعاء السادس والعشرين من شهر رجب وخرج أهل دمشق لقتالهم ، والتقوا في السابع والعشرين من الشهر . فلم يكن بأسرع من انهزام العسكر الشامي . وتبعهم العزيز والعادل حتى ألجئوهم إلى سور البلد ، ودخلوا دمشق ، وتبعهم العسكر ، فملكت البلد .
فعندها ركب الملك الأفضل إلى خيمة أخيه الملك العزيز ، واجتمع به بظاهر دمشق .
قال : ودخل الملك العادل ومن معه باب توما والباب الشرقي ، ونزل بالدار الأسدية . ودخل الملك العزيز من باب الفرج وبت في دار عمته الحسامية . وملك العزيز دمشق وأقيمت له الخطبة في يوم الجمعة الثامن والعشرين من الشهر .

الصفحة 301