كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 302 """"""
قال : ولما ملك الملك العزيز دمشق ندم على ما كان قرر من إقامته بالشام وتمكين عمه الملك العادل من الديار المصرية واعتذر إلى أخيه الملك الأفضل في السر . فأظهر الأفضل سره لمن معه فظنوا أن هذه خديعة . فأرسل إلى العادل وأعلمه بمرسلة العزيز ، فعتبه العادل ، فأنكر الحال . وخرج الأفضل إلى صرخد وقرر له في كل سنة مائتي ألف درهم من صرخد وغيرها ، وهو كاره لذلك . وسأل أن يكون بمكة ، وينقطع إلى الله تعالى ، وينزل عن الملك ، فلم يجبه العزيز .
وكان خروج الأفضل من دمشق إلى صرخد يوم الاثنين ، ثاني شعبان سنة اثنتين وتسعين ، فكانت مدة ملكه لدمشق منذ وفاة والده إلى أن ملكها العزيز ، ثلاث سنين وخمسة أشهر .
ودخل الملك العزيز قلعة دمشق واستقر بها في يوم الأربعاء رابع شعبان من السنة المذكورة ، وجلس يوم الجمعة بدار العدل وأسقط من المكوس بدمشق ما هو مقرر على سوق الرقيق وسوق الدواب ودار البطيخ ، والملاهي ، والعصير ، والفحم ، والحديد ، وسبكى الفولاذ والزجاج .
قال : وهرب ضياء الدين ابن الأثير ونهبت داره .
ونودي في دمشق أن يلبس أهل الذمة العمائم الغيار ليعرفوا من المسلمين وكان سبب ذلك أن الملك العزيز لما جلس بدار العدل دخل عليه رجل له هيئة حسن ، فما شك العزيز أنه من الأشراف ، فلما علم أنه ذمي أمر بذلك .
قال : ولاطف الملك العزيز عمه الملك العادل إلى أن قام بدمشق في النيابة ، فأجاب إلى ذلك بعد امتناع . وسلم ديوان دمشق لصفي الدين ابن شكر كاتب العادل .
وفارق الملك العزيز دمشق في العشر الأوسط من شعبان ، وعاد إلى الديار المصرية بعد أن استخلف الملك العادل وسلم إليه دمشق وما هو مضاف إليها من القلاع والحصون والأعمال ، والخطبة والسكة باسم الملك العزيز .
ودخل العزيز إلى القاهرة جريدة في رابع شهر رمضان ، وفوض شد الأموال والخطاب عليها للأمير فخر الدين إياز جهاركس ، وضمن الخمور في كل سنة بسبعة

الصفحة 302