كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 28)

"""""" صفحة رقم 309 """"""
فيرى في وجهه التغير لما نقل عنه ، فلا يشك ذلك الأمير في صدق الناقل فالتحق به جماعة من الأمراء .
فبينما الأفضل كذلك إذ قدم الملك الكامل بن الملك العادل من الشرق ، في تاسع عشر صفر سنة ست وتسعين وخمسمائة ، بالعساكر والتركمان فاشتد به عضد أبيه . وتأخر الأفضل بمن معه إلى سفح جبل العقبة ، ثم انتقل إلى مرج الصفر في يوم الاثنين ثاني عشر صفر ، وعاد الظاهر والمجاهد .
واشتد البرد على العسكر المصري فعاد الأفضل إلى الديار المصرية ، وساق العادل بعساكره في أثره . فكان وصول الأفضل إلى بلبيس في حادي عشري شهر ربيع الأول فأشار عليه أصحابه بالإقامة بها .
قال : ولما وصل الملك العادل إلى تل العجول أقام به حتى اجتمع إليه أصحابه ، وراسل الأفضل ، فعاد جوابه أنه لا يصالحه حتى يفارق الأمراء الصلاحية .
فلما اتصل ذلك بالصلاحية غضبوا وعزموا على المسير إليه .
هذا والأفضل على بلبيس ، وقد تفرق معظم أصحابه إلى إقطاعياتهم وجماعة منهم باطنوا الملك العادل .
ومضى الملك العادل يطوي المراحل إلى أن دخل الرمل وبلغ الملك الأفضل ذلك ، فرام جمع عساكره ، فتعذر ذلك عليه لتفرقهم في أخبارهم ، وتشتتهم في الأماكن التي يربعون فيها خيلهم ، فخرج في جمع قليل ، ونزل السانح .
ووصل الملك العادل ، وضرب معه مصافا ، فانكسر عسكر الملك الأفضل ، وولوا منهزمين لا يلوون على شيء .
ثم سار الملك العادل بالعساكر ، ونزل بركة الجب ، وسير إلى الملك الأفضل يقول له : أنا لا أحب أن أكسر ناموس القاهرة ، لأنها أعظم معاقل الإسلام ، ولا تحوجني إلى أخذها بالسيف ، واذهب إلى صرخد وأنت آمن على نفسك .
فاستشار الملك الأفضل الأمراء فرأى منهم تخاذلاً ، فأرسل إلى عمه يطلب منه أن يعوضه عن الديار المصرية بالشام ، فامتنع من ذلك ، فطلب أن يعوضه حران والرها

الصفحة 309